[هل يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر]
  (و) المختار عند الجمهور (أنه) - أي: المجتهد - إذا أراد الاستدلال بدليل: فإن كان نصاً في المقصود أو ظاهراً فيه لم يستدل به حتى يعلم أو يظن أنه غير منسوخ ولا متأول.
  وإن كان عاماً فلا بد أيضاً أن يعلم أو يظن هل هو مخصوص أو لا، ولذا قلنا: إنه (يجب عليه البحث عن الناسخ والمخصص) وموجب التأويل والتقييد (حتى) يعلم أو (يظن عدمَهما) - أي: الناسخ والمخصص - وعدمَ موجب التأويل والتقييد؛ إذ لا يحصل العلم أو الظن بالعدم إلا بعد البحث. وقد تقدم من الكلام في باب العام في هذه المسالة ما(١) لو نقلته إلى هنا نفعك.
  على أن الأنسب تقديم هذه المسالة على التي قبلها؛ لترتبها عليها، يظهر ذلك بأدنى تأمل.
[هل يجوز للمجتهد تقليد مجتهد آخر]
  (و) من أحكام المجتهد (أنه لا يجوز له تقليد غيره) من مجتهدي العلماء في شيء من الأحكام الشرعية عند أئمتنا $ والجمهور؛ لحديث: «استفت نفسك وإن أفتاك المفتون»، ونحوه مما اشتهر معناه في وجوب العمل بالظن وإن خالف ما عند الناس. وكان مقتضاه أن المقلد كذلك لولا الإجماع على منعه عن العمل بظنه.
  (مع تمكنه من الاجتهاد)، فإن لم يتمكن منه لتضيق وقت الحادثة(٢) بحيث يفوت لو اشتغل بالاجتهاد جاز، وإن تمكن لم يجز، ولو كان ذلك في بعض المسائل على القول بتجزؤ الاجتهاد؛ لأن جواز تقليده لغيره حكم شرعي؛ فلا يثبت إلا بدليل، ولا دليل؛ إذ الأصل عدمه. ولأن الاجتهاد أصل التقليد، والأخذ بالفرع مع القدرة
(١) فاعل «تقدم».
(٢) كما لو كان في آخر وقت الصلاة مثلاً، وظاهره مطلقاً، وعند ابن شريح كذلك، لكن فيما يخصه.