[التزام مذهب مجتهد معين]
  أو بأن يفسق المجتهد الذي كان الملتزم التزم مذهبه، فإنه أيضاً يجب عليه الانتقال عن مذهبه فيما تعقب الفسق من أقواله، لا فيما قبله، إلا أنه ينبغي له أن لا يعتزي إليه فيها، بل إلى موافقه فيه إن كان. ثم إن تاب قبل انتقاله لم يتعين عليه البقاء، بل يخير بينه وبين غيره؛ لبطلان تقليده إياه بفسقه، ما لم تصر المسألة إجماعية، كأن يقول بمذهبه أحد المجتهدين - مثلاً - حال الفسق، وإلا لم يجز له ولا لمقلِّده العمل بمذهبه الأول؛ لانعقاد الإجماع على خلافه(١).
  أو بأن ينكشف للملتزم نقصان من التزم مذهبه عن درجة الاجتهاد، أو كمال العدالة المشروطة في المجتهد المقلَّد، فإنه يجب عليه تقليد غيره حينئذ.
  وأجاز الإمام علي بن محمد(٢) # التنقل في مذهب أهل البيت $؛ لعدم الحرج على من لم يخرج من السفينة.
  وأجازه الإمام يحيى # في بعض فتاويه وأبو مضر لغير مرجح؛ لأنا إذا قلنا: «كل مجتهد مصيب»، لم يحرم علينا في الشرع إلا الانتقال من الصواب إلى الخطأ لا من صواب إلى صواب، فلا مقتضى لتحريمه لا عقلاً ولا شرعاً، إذ يصير كالواجب المخير، كمن شرع في أي أنواع الكفارة ثم ترجح له فعل النوع الثاني، فكما لا خطر عليه في ذلك كذلك المقلد، وإنما الخطر في ذلك مع القول بأن الحق مع واحد والمخالف مخطئ.
  وكما جاز للمقلد اختيار ما شاء من المذاهب ابتداء بلا خلاف لإصابة المجتهدين استصحبنا الحال بعد تقليده لأيهم إذا لم يتجدد له ما يحرم ذلك.
(١) لما قلنا: إن الأمة إذا اختلفت على قولين ثم فسقت إحدى الطائفتين صارت المسألة إجماعية كما سبق في الإجماع.
(٢) هو الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد، ينتهي نسبه إلى الإمام أحمد بن يحيى الهادي $، قام بالإمامة سنة ٧٥٠ هـ، وتوفي سنة ٧٧٠ هـ بذمار ونقل إلى صعدة وقبته غربي قبة الإمام الهادي وهي المعروفة بقبة الشريفة، وانظر باقي ترجمته في التحف شرح الزلف.