شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[التزام مذهب مجتهد معين]

صفحة 235 - الجزء 2

  قلنا: لا نسلم أنه منتقل من صواب إلى صواب، بل قد صار بعد التزامه قول إمام ممنوعاً من الخروج منه، كما وقع الإجماع أن المجتهد بعد اجتهاده ليس له أن يعمل بخلافه وإن كان صواباً بالنظر إلى قائله.

  أما التنقل لمجرد تتبع الشهوات فقد نص العلماء على تحريمه إجماعاً، وأن الإجماع على ذلك معلوم.

  ذكر الذهبي في تذكرته عن الأوزاعي⁣(⁣١): من أخذ بنوادر العلماء خرج عن الإسلام.

  وفي تلخيص ابن حجر: روى عبدالرزاق عن معمر مثل ذلك.

  ومثله عن المنصور بالله والمهدي @.

  بيانه: أنا لو جوزناه لجاز للإنسان أن يقلد في معرفة الله، وأن التيمم بتراب البرذعة⁣(⁣٢) وبما صعد على الأرض حيث لم يكن الماء في حضرته جائز، وأنه لمجرد المشقة جائز، وأنه لا تجب أذكار الصلاة، وأنه يجوز تركها حيث عزم على القضاء، وأن الواجبات على التراخي، فيترك الصلاة متى شاء، وإذا صلى لم يطهِّر بدنه ولا ثيابه، ولا ينوي، ولا يذكر الله تعالى، ولا يفعل من أركانها إلا أقل ما يمكنه، ويأخذ من أموال الناس ما يسد جوعه ويستر عورته، وينكح من عرض من النساء من غير ولي ولا شهود، ويعاملها على يوم أو أقل أو أكثر ثم يرتفع النكاح بينهما لا بطلاق، وهي تزوج من غير اعتداد حيث خالعها الزوج ثم عقد ثم طلق قبل الدخول.

  ويجوز له بيع الربا؛ إذ لا ربا إلا في النسيئة، ويجوز له النظر إلى كل الأجنبيات من النساء ما عدا [القبل والدبر ومملوكه الذكر والاستمتاع بما عدا]⁣(⁣٣)


(١) عبد الرحمن بن عمرو بن محمد الأوزاعي، أبو عمرو الشامي، وثقه ابن سعد وابن معين، ولد سنة ٨٨ وتوفي سنة ١٥٧.

(٢) قطعة على ظهر الخيل.

(٣) غير موجود في (نخ).