شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الترجيح بين القياسين بحسب علة حكم الأصل]

صفحة 265 - الجزء 2

  القرابة أو (الصحابة)، والوجه ظاهر.

  ولما كان هنا مرجحات ينبغي تقديمها على ما سبق؛ لأنها باعتبار صفة العلة - أعاد لفظ «يرجح» ولم يكتف بحرف العطف فقال: (ويرجح الوصف الحقيقي) أي: الثبوتي الظاهر المنضبط المتعقل⁣(⁣١) في نفسه من غير توقف على عرف أو شرع (على غيره) من الأوصاف، كأن يكون حكماً شرعيًّا، أو حكمة مجردة؛ للاتفاق عليه والاختلاف في غيره.

  مثاله في مسح الرأس: «مسح فلا يسن تثليثه كمسح الخف»، مع قوله: «فرض فيسن تثليثه كغسل الوجه»؛ فالقياس الأول الوصف فيه حقيقي فهو أرجح.

  (و) بهذه العلة يرجح الوصف (الثبوتي على العدمي). مثاله في خيار الصغيرة التي زوجها غير أبيها إذا بلغت غير عالمة: «متمكنة من العلم فلا تعذر بالجهل كسائر أحكام الإسلام»، فيرجح على قوله: «جاهلة بالخيار فتعذر كالأمة تعتق»؛ لأن وصف الجهل عدمي.

  (والباعثة على الأمارة المجردة) مثاله: أن يقال: «صغيرة فيولى عليها في النكاح كما لو كانت بكراً»، مع قول الآخر: «ثيب فلا يولى عليها في النكاح كما لو كانت بالغة»؛ لأن الصغر وصف باعث على التولية؛ لظهور تأثيره في المال إجماعاً، بخلاف الثيوبة.

  (و) المطردة (المنعكسة على خلافها) وهي غير المنعكسة، مثاله: قول الشافعي: «مسح الرأس فرض في الوضوء فيسن تثليثه كغسل الوجه»، فيقول الحنفي: «مسح تعبدي فلا يسن تثليثه كمسح الخف»، فعلة الشافعي غير منعكسة؛ لأن المضمضة والاستنشاق ليسا بفرض عنده ويسن تثليثهما.


(١) قوله: «المتعقل في نفسه» يعني الذي تكون مناسبته بالنظر إلى ذاته كالإسكار، لا بالنظر إلى عرف أو شرع، وقوله: «كأن يكون حكماً شرعياً» مقابل لقوله: «من غير توقف على عرف أو شرع».