شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الأدلة الشرعية]

صفحة 100 - الجزء 1

  (و) الثاني⁣(⁣١) (عدم مصادمتها) - أي: أخبار الآحاد - دليلاً (قاطعاً)، فإن صادمته بحيث لا يمكن تأويله⁣(⁣٢) معها لم تقبل، سواء كان نقليًّا أو عقليًّا؛ وذلك كصرائح الكتاب والسنة المتواترة، والإجماع القطعي، وما علم بضرورة العقل، فيقطع بوضعها؛ لأن الظني لا يقوى على مقاومة القطعي.

  أما إذا أمكن تأويله بلا تعسف على وجه لا يصادم القطعي فهو الواجب؛ صيانة لمن ظاهره العدالة عن التكذيب.

  وإن لم يمكن تأويله إلا بتعسف⁣(⁣٣) اطُّرِح، وقطع بكذب ناقله في الأصح. وقال محمد بن شجاع⁣(⁣٤): بل يتأول ولو تعسفاً؛ إيثاراً لحمل الراوي على السلامة.

  وبهذا يظهر أن اشتراط العدالة لا يغني عن هذا الاشتراط، فإنه أعم من أن يمكن تأويله أو سهوه أو غلطه، أو لا يمكن.

  (وفقد استلزام متعلقها الشهرة) أي: يشترط - أيضاً - ألا يكون مما تتوفر الدواعي على نقله لغرابته، كقتل خطيب على منبر المسجد الجامع يوم الجمعة، أو لعموم البلوى به علماً، كمسألة الإمامة التي تقدمت، فإن كان كذلك لم تقبل الآحاد فيه؛ لما تقدم.

  قلت: وهذا الشرط يغني عن قوله: «ولا فيما تعم به البلوى علماً ..» إلخ.


(١) أي: الشرط الراجع إلى مدلول الخبر.

(٢) الأولى تأويلها أي: أخبار الآحاد معه، أي: القاطع.

(٣) هو الذي لا يحتمله اللفظ، ويمكن تعريفه بأنه المدافع للقواطع، كتأويل المرجئة آيات الثواب بالترغيب، والعقاب بالترهيب، وقول الرسول ÷: «وعلي بابها» بأن معنى علي: أي مرتفع. مرقاة الأصول.

(٤) ذكره في سير أعلام النبلاء فقال: أحد الأعلام، أبو عبد الله البغدادي الحنفي ويعرف بابن الثلجي، له كتاب المناسك في نيف وستين جزءا إلا أنه كان يقف في مسألة القرآن وينال من الكبار، عاش خمسا وثمانين ومات سنة ٢٦٦ هـ.