شفاء غليل السائل عما تحمله الكافل،

علي بن صلاح الطبري (المتوفى: 1071 هـ)

[الدليل الثاني: السنة]

صفحة 108 - الجزء 1

  الستة مع الأمرين المذكورين في الخبر، فلو قدم القياس على الخبر لقدم الأضعف، وهو باطل إجماعاً؛ وذلك لأن ما يجتهد فيه في مواضع أكثر فاحتمال الخطأ فيه أقوى، والظن الحاصل به أضعف.

[الرد على شبهة من قال بتقديم القياس على الخبر الآحادي]

  فإن قيل: احتمال القياس أقل⁣(⁣١)؛ لأن الخبر يحتمل باعتبار العدالة: كذب الراوي وكفره وفسقه وخطأه، وباعتبار الدلالة: التجوز والإضمار⁣(⁣٢) والاشتراك والتخصيص، وباعتبار حكمه: النسخ. والقياس لا يحتمل شيئاً من ذلك.

  أجيب: بأن تلك الاحتمالات بعيدة؛ فلا تمنع الظهور، وأيضاً فإنه يأتي مثلها في القياس إذا كان أصله خبراً آحاديًّا.

  فإن قيل: ظاهر المتن يقضي بوجوب تقديم الخبر مطلقاً، فكيف حكمت بأنه إنما يجب تقديمه عند تعذر الجمع بينهما؟

  قلت: لأنه قد تقرر أنه يجب التأويل والجمع بين الدليلين ما أمكن، وسيأتي له أنه يصح تخصيص كل من الكتاب والسنة بمثله وبسائرها، فكان هذا مطلقاً مقيداً بما سيأتي إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

[حكم مخالفة أخبار الآحاد للأصول]

  (و) هذا⁣(⁣٣) إن كان القياس ظنيًّا، فإن كان قطعيًّا - وسيأتي - فإنه (يرد ما خالف الأصول المقررة) وهي: الكتاب، والسنة، والإجماع، المعلومة، ومنها القياس⁣(⁣٤) المذكور، فإذا قضى الخبر الآحادي في عين ما حكمت به الأصول


(١) فكان أولى.

(٢) كقوله ÷: «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده» أي: بكافر.

(٣) أي: قبول الخبر الآحادي.

(٤) كذا فسر الأصول بما ذكرنا الإمام المهدي # في المنهاج حيث قال: وهي صرائح الكتاب والسنة والإجماع التي لم تنسخ، فإن قلت: فإنه لم يذكر القياس كما ذكرته. قلت: بل ذكره ضمناًَ في سياق ذلك حيث قال: فإن قلت إذا كان الأصول النقلية هي الكتاب والسنة فالخبر الآحادي من الأصول =