[ما يحتاج إليه المجتهد]
  خلافاً للإمامية، أو من غير العترة، خلافاً لظاهر قول الهادي والناصر @، للمشاركة في الطريق إلى الاجتهاد.
  وقد تقدم بيان هذه القيود أول الكتاب. وقد شاع اسم الفقيه على من يعلم فن الفروع وإن لم يكن مجتهداً. والمجتهَد فيه: الحكم الشرعي العملي.
[ما يحتاج إليه المجتهد]
  (وإنما يتمكن من ذلك) الاستنباط (من حصَّل ما يحتاج إليه فيه) أي: في فن الاجتهاد، والمحتاج إليه في ذلك علوم خمسة: أولها: أنواع (من علم العربية) اللغة والنحو(١) والتصريف والمعاني والبيان، فيعرف معاني المفردات والمركبات وخواصها، تعلماً أو سليقة؛ لأن خطاب الشارع من اللغة العربية، فيتوقف معرفة مراده على معرفتها.
  (و) ثانيها: علم (الأصول) أي: أصول الفقه؛ لانصرافه إليه عند الإطلاق؛ لأنه مشتمل على معرفة حكم العموم والخصوص، والإطلاق والتقييد، والإجمال والتبيين، وشروط النسخ، وما يصح منه، وما يقتضيه الأمر والنهي من الوجوب والفور والتكرار وغيرها، ومعرفة الإجماع والقياس وشروطهما صحيحهما وفاسدهما، مع ما ضُمَّ إلى هذه من معرفة المفاهيم، والترجيحات، والحقيقة والمجاز.
(١) قال أبو داود: سمعت الأصمعي يقول: إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النبي ÷: «من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار» لأنه ÷ لم يلحن، فمهما روي عنه ملحونٌ فقد كذب عليه. وعن سالم بن قتيبة قال: كنت عند ابن هبيرة الأكبر فجرى ذكر العربية فقال: والله ما استوى رجلان دينهما واحد وحسبهما واحد ومروتهما واحدة أحدهما يلحن والآخر لا يلحن؛ لأن أفضلهما في الدنيا والآخرة الذي لا يلحن، فقلت: أصلح الله الأمير، هذا أفضل في الدنيا لفضل فصاحته وعربيته أفرأيت الآخرة ما له أفضل فيها؟ فقال: إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزله، وإن الذي يلحن يحمله لحنه على أن يدخل فيه ما ليس منه ويخرج ما هو فيه؛ قلت: صدق الأمير وبر. ذكر معناه في الغاية في علم الرواية.