منهج المستوى الثالث الإبتدائي،

مكتبة أهل البيت (ع) (معاصر)

فصل [في نفي رؤية الله تعالى]

صفحة 10 - الجزء 1

فصل [في أن اللّه تعالى غني]

  فإن قيل: أربك غنيٌ، أم لا؟

  فقل: إنه غَنِيٌّ لم يزل ولا يزال، ولا تجوز عليه الحاجة في حال من الأحوال؛ لأن الحاجة لا تجوز إلاّ على من جازت عليه المنفعة و المضرة، واللذة والألم، وهذه الأمور لا تجوز إلا على مَنْ جازت عليه الشهوة والنَّفرة، وهما لا يجوزان إلاَّ على الأجسام؛ فيَسْتَرُّ الجسم بإدراك ما يشتهيه ويلتذ به، وينمو ويزداد بتناوله، ويَغْتَمُّ بإدراك ما يَنْفُر عنه ويتضرر به، وينقص بتناوله.

  وقد ثبت أنه تعالى ليس بجسم، بل هو خالق الجسم، فكيف يخلق مثل ذاته، أو تشاركه الأجسام في صفاته؟! بل لا يجوز عليه شيء من ذلك.

فصل [في نفي رؤية اللّه تعالى]

  فإن قيل: أربك يرى بالأبصار؟

  فقل: هذه مقالة الفجار وهي باطلة عند أولي الأبصار؛ لأنه لو رؤي في مكان لدَلَّ ذلك على حُدُوثه؛ لأن ما حواه مَحْدُودٌ محدثٌ.

  فإن قيل: إنه يُرى في غير مكان.

  فهذا لا يعقل، بل فيه نفي الرؤية، وقد قال تعالى: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ}⁣[الأنعام: ١٠٣]، فنفى نفياً عاماً لجميع المكلفين لأوقات الدنيا والآخرة.

  وقال اللّه تعالى لموسى لما سأله الرؤية: {لَنْ تَرَانِي}⁣[الأعراف: ١٤٣]، ولم يسأل موسى # الرؤية لنفسه؛ بل عن سؤال قومه، كما حكاه اللّه في قصص قومه: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ}⁣[النساء: ١٥٣]، ولو سألها لنفسه لصعق معهم؛ ولما لم يقع منه خطيئة إلا سؤاله لهم الرؤية من دون إِذْنٍ، قال لربه ø: {أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا}⁣[الأعراف: ١٥٥].