(5) صلح الحديبية
  ٦ - من أراد أن ينضم في هذا الصلح مع المسلمين فله ذلك، ومن أراد ذلك مع قريش فله ذلك، فانضمت خزاعة مع المسلمين وبنو بكر مع قريش.
  وقد استنكر عمر بن الخطاب هذا الصلح فجاء إلى النبي ÷ منفعلًا فقال له: ألست نبي الله حقًّا؟ فقال ÷: «بلى» فقال عمر: ألسنا على الحق وعدونا على الباطل؟ فقال ÷: «بلى» فقال عمر: فلم نعطي الدنية في ديننا إذًا؟
  فقال ÷: «إني رسول الله ولست أعصيه، وهو ناصري».
  فقال عمر: أولست كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف(١) به؟
  فقال ÷: «بلى، أأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟»
  قال عمر: لا، فقال ÷: «فإنك آتيه ومطوف به»(٢).
  ثم ذهب عمر إلى أبي بكر وكرر الأسئلة فأجابه مثل جواب النبي ÷، وحذره من تلك الانتقادات على النبي ÷.
  فلما تم الصلح أمر النبي ÷ أصحابه أن ينحروا البدن ثم يحلقوا رؤوسهم فلم يفعلوا، وكرر عليهم فلم يفعلوا، فدخل ÷ خيمته ثم خرج إليهم ولم يكلمهم فنحر ثم حلق، فقام الصحابة ونحروا ثم حلقوا، وقد كانوا
(١) ذلك هو رؤيا رسول الله ÷ في المنام قبل خروجه إلى الحديبية أنه دخل هو وأصحابه مكة آمنين وحلقوا، فقصها على أصحابه فاستبشروا، فلما رجعوا من الحديبية حصل ببعضهم الريبة والشك، وكان عمر أول من واجه النبي ÷ بتلك الشكوك، فأنزل الله تعالى لتأكيد ذلك وطرد الشكوك قوله تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ}[الفتح ٢٧].
(٢) رواه البخاري في صحيحه (٣: ١٩٣) رقم (٢٧٣١) ومسلم في صحيحه (٣: ١٤١١) رقم (١٧٨٥) والنسائي في سننه (١٠: ٢٦٢) رقم (١١٤٤٠) وابن أبي شيبة في مصنفه (١: ٦٤) رقم (٥٩) وأحمد في مسنده (٢٥: ٣٤٨) رقم (١٥٩٧٥) والبيهقي في سننه (٩: ٣٦٦) رقم (١٨٨٠٧) والطبراني في الكبير (٢٠: ٩) رقم (١٣) وابن حبان في صحيحه (١١: ٢١٦) رقم (٤٨٧٢) وأبو يعلى في مسنده (١: ٣٦٤) رقم (٤٧٣) وغيرهم.