فصل [في أن الله تعالى لا ثاني له]
فصل [في أن الله تعالى لا ثاني له]
  فإن قيل: أربك واحدٌ، لا ثاني له، أم لا؟
  فقل: ربي واحد، لا ثاني له في الجلال، متفرد هو بصفات الكمال؛ لأنه لو كان معه إِلَهٌ ثَانٍ لوجبَ أن يشاركَهُ في صفاتِ الكمال على الحدِّ الذي اختص بها.
  ولو كان كذلك لكان على ما قَدَرَ عليه قادراً.
  ولو كان كذلك لجاز عليهما التَّشاجر والتنازع، ولصح بينهما التَّعارض والتَّمَانع.
  ولو قَدَّرْنَا هذا الجائز لأَدَّى إلى اجتماع الضدين من الأفعال، أو عجز القديم عن المراد، وكل ذلك محال، تعالى عنه ذو الجلال؛ لقوله: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}[الأنبياء: ٢٢]، ولقوله عز قائلا: {أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ١٦}[الرعد: ١٦]، فتبين أن هذا الخلق يشهد بإلهٍ واحدٍ، وأنه ليس هناك خَلْقٌ ثانٍ يشهد بإلهٍ ثانٍ، وهذا واضح؛ فإن هذا العالم دليلٌ على إلهٍ واحدٍ، وهو الذي أرسل الرسل، وأوضح السُّبُل.
  ويَدُل على ذلك: قوله ø: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ}[محمد: ١٩]، وقوله: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ}[آل عمران: ١٨]، وقوله: {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}[البقرة: ١٦٣]، وقوله: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}[الصمد ١].
  ** * **