(8) عمرة القضاء
(٨) عمرة القضاء
  ذو القعدة سنة ٧ هـ
  من بنود صلح الحديبية كما تقدم رجوع النبي ÷ وأصحابه تلك السنة إلى المدينة، وأن يعودوا للعمرة في السنة المقبلة، فعلى هذا الاتفاق خرج النبي ÷ والمسلمون ممن صُد معه عن البيت الحرام، وسميت هذه العمرة عمرة القضاء لأن النبي ÷ قاضى قريشًا عليها، أي: اعتمر حسب الاتفاق بينه ÷ وبين قريش، لا لأن عمرة الحديبية فسدت وهذه قضاء لها.
  وقد اعتمر رسول الله ÷ أربع مرات: عمرة الحديبية، وعمرة القضاء، وعمرة الجعرانة(١) عند عودته من حصار الطائف، وكل هذه الثلاث في شهر ذي القعدة، أما العمرة الرابعة فهي التي قرنها ÷ مع حجته.
  ولما علمت قريش بقدوم النبي ÷ لعمرة القضاء خرجت عن مكة إلى رؤوس الجبال، وتحدثت قريش فيما بينها أن محمدًا وأصحابه قد أضعفتهم حمى يثرب، ووقفت قريش بحيث تنظر إلى المسلمين، فلما دخل النبي ÷ اضطبع بردائه - أي: أدخل الرداء تحت إبطه الأيمن وغطى به كتفه الأيسر وأخرج عضده الأيمن - ثم قال: «رحم امرؤا أراهم اليوم من نفسه قوة»، ثم استلم الركن الأسود وخرج يهرول في الطواف على البيت ويهرول أصحابه معه، فمضت السنة بذلك.
  وفي اليوم الثالث سألت قريش النبي ÷ أن يخرج من مكة حسب الاتفاق بين الطرفين في صلح الحديبية، فخرج من مكة، وتزوج بعد إحلاله من العمرة بميمونة بنت الحارث الهلالية وبنى بها في سرف - موضع عند التنعيم - وبهذا الموضع ماتت رحمة الله عليها، وقبرها في ذلك المكان معروف عليه بناء
(١) الجعرانة: كانت قرية صغيرة خارج حدود الحرم شمال شرق مكة، تبعد عنها ٢٠ كم.