منهج المستوى الثالث الإبتدائي،

مكتبة أهل البيت (ع) (معاصر)

(9) غزوة مؤتة

صفحة 123 - الجزء 1

  الناس: صدق والله ابن رواحة.

  فمضى الناس حتى كانوا بتخوم البلقاء لقيتهم جموع هرقل من الروم والعرب، فالتقى الفريقان عند قرية يقال لها: مؤتة، وتعبأ المسلمون للقتال، واشتبك الجيشان وقاتل جعفر على فرسه حتى إذا اشتد القتال اقتحم عن فرسه وعقرها⁣(⁣١) وقاتل راجلًا، وكان يحمل الراية بيمينه فقطعت يمينه، فأخذها بشماله فقطعت شماله، ثم احتضنها حتى قتل.

  ثم أخذ اللواء زيد بن حارثة وقاتل حتى مزقته رماح القوم، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة وقاتل حتى قتل. وكان خالد بن الوليد قد أسلم في هذه السنة وحضر المعركة، فاصطلح المسلمون على أن يعطوه الراية، فأخذها وانحاز قليلًا قليلًا حتى انصرف بهم عن المواجهة.

  هذا، وقد كان النبي ÷ وقت المعركة على المنبر في المدينة المنورة يحكي ما يحدث في تلك المعركة ويقول: «أخذ الراية جعفر فقاتل بها حتى قتل، ثم أخذ الراية زيد بن حارثة فقاتل بها حتى قتل⁣(⁣٢)»، ثم سكت ÷ حتى تغيرت وجوه الأنصار لظنهم أن عبد الله بن رواحة قد قصر فيما أوكل إليه، ثم قال ÷: «ثم أخذها عبد الله بن رواحة حتى قتل شهيدًا». وهذا من معجزات النبي ÷.

  ثم بعد ذلك ذهب رسول الله ÷ إلى بيت جعفر وقال لأسماء زوجة


(١) وهذا فيه مصلحة عظيمة جدًّا فجاز لأجلها، أفاد ذلك سيدي العلامة نجم العترة الطاهرة محمد بن عبد الله عوض المؤيدي أيده الله تعالى، ومن المصلحة فيه شد عزائم جيش الإسلام حينما يرون قائدهم يفعل ذلك الفعل، وكذلك بث الرعب في قلوب الجيش الرومي عند رؤيته ذلك والعلم به، وهذا كله مع قلة عدة وعدد المسلمين في مقابل جحافل الروم مع غير ذلك من المصالح التي لا تخفى على اللبيب.

(٢) وفي مسند البزار (٦: ٢١٦) رقم (٢٢٥٧) عن عبد الله بن جعفر أن النبي ÷ قال: «ثم أخذ الراية جعفر فأصيب، ثم أخذها زيد بن حارثة فأصيب ...» إلخ.