فصل [في أن الله تعالى عدل حكيم]
[العدل]
فصل [في أن اللّه تعالى عدل حكيم]
  فإن قيل: أَرَبُّكَ عدلٌ حكيمٌ؟
  فقل: أَجَلْ؛ لأنه تعالى غنيٌّ غير محتاج، وعالم بكل معلوم، لا تخفى عليه خافية، ومِنْ شأن مَنْ كان كذلك أن لا يفعل القبيح، وذلك لأن فاعل القبيح لا يفعله إلا لحاجته إلى فعله، أو لجهله بقبحه، والله تعالى غنيٌّ غير محتاج، وعالمٌ بكلِّ معلوم؛ فثبت بذلك أن الله تعالى عدل حكيم.
  ومعنى عدل حكيم: أن أفعال الله تعالى كلها حسنة ليس فيها ظلم ولا قبح، وأنها واقعة على وجوه من الحكمة والمصلحة؛ فالشمس والقمر خلقهما الله تعالى لمنافع عظيمة، وهكذا جميع المخلوقات.
فصل [في ان أفعال العباد منهم]
  فإن قيل: هل ربك خَلَقَ أفعال العباد؟
  فقل: لا يقول ذلك إلا أهل الضلال والعناد؛ كيف يأمرهم بفعل ما قد خَلَقَ وأمضى، أو ينهاهم عن فعل ما قَدْ صَوَّر وقضى؟! ولأن الإنسان يلحَقُهُ حُكْمُ فعلهِ، من المدح والثَّناء، والذَّم والاستهزاء، والثواب والجزاء، فكيف يكون ذلك من العلي الأعلى؟!
  ولأنه يحصل بحسب قَصْدِه ودواعيه، وينتفي بحسب كراهته وصوارفه، على طريقة واحدة.
  ولأن اللّه تعالى قد أضاف أفعال العباد إليهم، فقال: {يَكْسِبُونَ}، و {وَيَمْكُرُونَ}، و {تَفْعَلُونَ}، و {يَصْنَعُونَ}، و {يَكْفُرُونَ}، {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا}، ونحو ذلك في القرآن كثير.