فصل [في معرفة النبيء ÷]
[النبوءة]
فصل [في معرفة النبيء ÷]
  فإن قيل: فقد أكملت معرفة ربك، فمن نبيك؟
  فقل: محمد ÷.
  فإن قيل: فما برهانك على ذلك؟
  فقل: لأنه جاء بالمعجز عقيب ادعائه النُّبوة، وكل من كان كذلك فهو نبي صادق.
  فإن قيل: فما برهانك على أنه جاء بالمعجز عقيب ادعائه النبوءة؟
  فقل: المعلوم ضرورةً أنه كان في الدنيا قبيلةٌ تُسَمَّى قريشاً، وأن فيهم قبيلةً تُسَمَّى: بني هاشم، وأنه كان فيهم رجلٌ اسمه: محمدُ بنُ عبد اللّه، والمعلوم ضرورةً أنه ادَّعى النبوة، وأنه جاء بالقرآن بعد ادعاء النُّبوة، وأنه مشتمل على آيات التَّحَدي، وأنه كان يتلوها على المشركين ويسمعونها وهم النِّهاية في الفَصَاحة، والمعلومُ ضرورةً شِدَّةُ عداوتهم له.
  وإنما قلنا: بأنه معجز؛ لأنه تحداهم على أن يأتوا بمثله فعجزوا، ثم تحداهم على أن يأتوا بعشر سور من مثله فعجزوا، ثم تحداهم بأن يأتوا بسورة من مثله فلم يقدروا على ذلك؛ لأنهم لو قدروا على معارضته - مع شدة عداوتهم له وعلمهم بأن معارضَتَهُ بِمِثْلِ ما جاء به تُبْطِلُ دعواه - لما عدلوا عنها إلى الشَّاقِّ من محاربته، التي لا تدل على إبطال دعواه، فدَلَّ ذلك على كونه معجزاً.
  ولأن القرآن مشتمل على الإخْبَار بالغيوب المستقبلة، وعلى الإخْبَار عن الأمور الماضية، فكان الأمر على ما أخبر في الماضي والمستقبل، فدَلَّ ذلك على كونه معجزاً، لا يقدر عليه أحد من البشر.
  وله معجزات كثيرة تقارب ألف معجزة، نحو: مجيء الصخرة إليه، وجريها على الماء كالسفينة، وسير الشَّجَرة، وإحيائه الموتى، وتسبيح الحصى في يده،