النوع السادس: الحسد
  وأما دواء هذه الآفة(١) فهو أن تُعوِّد نفسَك القناعةَ، وقطع الطمع، وإسقاط نفسك فلا ترى لها وزناً في نفسك(٢)، فالشيطان اللعين لا يترك مجاهدتك بل يعارضك في كل طرفة ولحظة بخطرات الرياء، ولا يترك عنك نزغاته، فاحذر من مكائده وزلاته.
النوع السادس: الحسد
  وهو أردى الخصال وأخبثها، ومع هذا فالقلوب عليه مجبولة، وهو كراهة وصول النعم أو بقائها للغير، لا لوجه يقتضي ذلك من عداوة أو غيرها، ومن ذلك الحسد على ارتفاع شأن الغير وحسن الثناء فإنه من النعم، وهو محرم شرعاً بالإجماع.
  والحسد قد يكون بالقلب كما تقدم، وبالقول كالوضع من المحسود بإنكار ما ينسب إليه من معالي الأمور، وكالتنبيه على مثالبه وهفواته لا لمصلحة، بل قصداً لحط رتبته(٣) التي حسده عليها.
  ومنها: ترك التعريف بما يعرف من محاسن المحسود ومكارمه في مقام يقتضي ذلك، ولا بأس أن يسأل الله أن يفعل له (مثل)(٤) ما فعل للمحسود، ولا يجوز أن يتمنى كونه له، ودليل الأمرين قوله تعالى: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ}[النساء: ٣٢].
  واعلم أنه حصل من مجموع ما ذكر أن الحسد أربع مراتب:
  الأولى: محبة زوال النعمة وأن تكون منقلبة إليه، وهذا أعظمها.
(١) في المخطوط: العلة.
(٢) في المخطوط: وأما دواء هذه العلة فهو أن تعوِّد نفسك فلا ترى لها وزناً، وفي قلبك القناعة وقطع الطمع، وإسقاط نفسك.
(٣) في المخطوط: بل لقصد الحط لمرتبته.
(٤) من المطبوع.