منهج المستوى الثالث الإبتدائي،

مكتبة أهل البيت (ع) (معاصر)

(3) عمرة الحديبية

صفحة 106 - الجزء 1

(٣) عمرة الحديبية

  ذو القعدة سنة ٦ هـ

  أراد النبي ÷ أن يسير إلى مكة معتمرًا، فدعا مَن حول المدينة من الأعراب وأهل البوادي ليخرجوا معه حذرًا من قريش أن يعترضوا له، فتثاقل الكثير من الأعراب وقالوا: يذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره وقتلوا أصحابه، فاعتذروا بالشغل بأهاليهم وأموالهم؛ لأنهم ظنوا أنه سيهلك، قال تعالى: {سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلَّفُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ}⁣[الفتح ١١] فأخبر الله تعالى أنَّ تخلفهم ليس لما قالوا، ثم أخبر عن سبب تخلفهم في قوله تعالى: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا ١٢}⁣[الفتح].

  فخرج النبي ÷ ومن معه محرمين ملبين بالعمرة ومعه الهدي حتى وصلوا عسفان⁣(⁣١) فلقيهم بشر بن سفيان الكعبي، فقال: يا رسول الله، هذه قريش قد سمعت بمسيرك وخرجت معها العوز⁣(⁣٢) المطافيل، قد لبست لك جلود النمور يعاهدون الله ألا تدخلها عليهم عنوة، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموه إلى كراع العميم⁣(⁣٣)، فأمر رسول الله ÷ الناس فسلكوا غير الطريق التي فيها خالد حتى إذا بلغ الحديبية⁣(⁣٤) بركت ناقته، فقال الناس: خلأت القصوى خلأت القصوى، فقال ÷: «ما خلأت⁣(⁣٥) القصوى، وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، والله لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة فيها صلة


(١) عسفان: منهل من مناهل الطريق بين الجحفة ومكة، ويبعد عن مكة حوالي ٧٥ كم.

(٢) الرجال والنساء.

(٣) كراع العميم: موضع بين عسفان ومكة.

(٤) الحديبية: مكان بين مكة وجدة، على بعد ٢٢ كم غرب مكة على طريق جدة القديم.

(٥) خلأت: بركت الناقة من غير علة.