مسجد الضرار:
  {يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} أي: يدنف بالجهد والمشقة، وقيل: يميل عن الثبات على الإيمان وعن اتباع الرسول في تلك الغزوة حين همَّ فريق منهم بالرجوع ثم ثبتهم الله.
  وقال الله تعالى في المتخلفين عن هذه الغزوة: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ ٨١}[التوبة].
مسجد الضرار:
  هذا، وعندما كان رسول الله ÷ يتجهز لغزوة تبوك أتاه أصحاب مسجد الضرار فقالوا له: يا رسول الله، قد بنينا مسجدًا لذوي الحاجة والعلة والليلة المطيرة، فنحن نحب أن تأتينا فتصلي بنا فيه، فقال لهم: «إني على جناح سفر وحال شغل، ولو قدمت سالِمًا لأتيتكم فصليت فيه إن شاء الله». فلما رجع ÷ من تبوك ونزل قريبًا من المدينة أتى جبريل يخبره بشأن المسجد، قال تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ١٠٧ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا} الآية [التوبة] فقال ÷ لبعض أصحابه: «انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله فاهدموه وحرقوه»(١)، فحرقوه بالنار وهدموه وتفرق أهله عنه.
(١) رواه الثعلبي في الكشف والبيان (٥: ٩٢)، والبغوي في تفسيره (٤: ٩٤)، وأبو السعود في تفسيره (٤: ١٠٢)، والبيضاوي في تفسيره (٣: ٩٧)، والخازن في تفسيره (٢: ٤٠٦)، والرازي في تفسيره (١٦: ١٤٧)، والواحدي في أسباب النزول (٢٦٥).