فصل [في أن الله تعالى لا يشبه الأشياء]
  كان مُحدثاً لاحتاج إلى مُحْدِث، إلى ما لا يتناهى، وذلك مُحالٌ؛ فهو قديم، قادر، حيٌّ، عليم، لم يزل ولا يزال، ولا يخرج عن ذلك في حال من الأحوال؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن له بُدٌّ من فاعلٍ فعله، وجَاعِلٍ على صفات الكمال جعله، أو يكون لِعِلَّة، وقد ثبت أنه تعالى قديم؛ فلا يصح القول بشيء من ذلك.
فصل [في أن اللّه تعالى سميع بصير]
  فإن قيل: أربك سميع بصير؟
  فقل: أجَلْ؛ لأنه قد صح وثبت أنه عالم بجميع المعلومات، المسموعات والمبصَرَات، ومعنى سميع: أنه تعالى عالم بالمسموعات. وبصير: عالم بالْمُبْصَرَات، يعلم ذلك بغير آلة سمعٍ وبصرٍ، تعالى ربنا عن مشابهة المحدثات.
فصل [في أن اللّه تعالى لا يشبه الأشياء]
  فإن قيل: أربك يُشْبِهُ الأشياء؟
  فقل: ربي شيء لا كالأشياء؛ لأن الأشياء سواه: جَوْهَرٌ، وعَرَضٌ، وجسم.
  ولا يجوز أن يكون جوهراً، ولا عرضاً؛ لأنهما غيرُ حَيَّين، ولا قادرين، وهو تعالى حي قادر؛ ولأنهما مُحْدَثان، وهو قديم.
  ولا يجوز أن يكون جسماً؛ لأنا قد بينا أنه خالق الأجسام، والشيء لا يخلق مِثْلَه؛ ولأن الجسم مؤلَّفٌ مصنوعٌ، يفترق ويجتمع، ويَسْكُن ويحترك، ويكون في الجهات، وتسبقه الأوقات، وكل ذلك شواهدُ الحُدُوثِ، وقد ثبت أنه تعالى قديم، فلا يجوز أن يكون محدثاً؛ بل ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
  وإذا لم يكن جوهراً، ولا جِسْماً، ولا عَرَضاً، لم يوصف بالكيف، ولا الأين، ولا الحَيْث، ولا البين، ولا الوجه، ولا الجَنْب، ولا اليدين، لم يقطعه بَعْدٌ، ولم يسبقه قَبْلٌ، ولم يُجزِّئهُ بعضٌ، ولا جمعَهُ كلٌّ، ليس في الأرض، ولا في السَّماء،