النوع الثالث: الرياء
  نعم، ولا فرق بين أن يكون الأمر الحاصل به الإعجاب: اضطرارياً كجمالٍ أو فصاحةٍ أو كثرة عشيرة أو مالٍ أو بنين. أو اختيارياً ككثرة علم أو عبادة أو عطاءٍ أو إقدامٍ، فإن العُجْب بذلك قبيح شرعاً بلا خلاف، ومُحْبط للأعمال.
  والدواء المعين على دفعه - أي: العُجب - هو أن يعلم الإنسان أن الدنيا دار زوال لا دار قرار، وأن لا بد من الموت والهلاك، والمصير(١) إلى دار القرار، وسيناقَش بالحساب يومئذ ولا فرار، وكيف يعجب المرء ومصيره إلى القبر أو تأكله السباع في القفار، فذلك من سوء البصيرة والاستبصار.
النوع الثالث: الرياء
  هو من أقبح المعاصي الباطنة المحبطة للأعمال، وحقيقته في الشرع: فعل الطاعة أو ترك المعصية لحصول غرض دنيوي، إما ثناء من الناس عليه، أو غيره من السمعة، أو المنزلة الرفيعة في قلوب الناس، وغرض الجاه لينال من حطام الدنيا، ولا فرق بين أن يريد مع ذلك التقرب إلى الله أو لا.
  قال الديلمي ¦: وقد ورد أن الرياء سبعون باباً، واعلم أن الرياء على خمسة أوجه:
  أحدها: أن يصلي أو يفعل غيرها من الطاعات في الظاهر، وفي الباطن لا يفعل ذلك، فهذا كفر بالله، يرى الناسَ أعظمَ من الله سبحانه.
  الثاني: أن يُظْهر الدين والصلاة بحضور الناس، وفي الباطن يفعل دون ذلك.
  الثالث: أن يفعل الدين ظاهراً وباطناً، ولكن يقول باللسان: صلّيتُ وصُمْتُ وزكيتُ، يَعْرض على الناس أعماله.
(١) في المخطوط: ومسير.