الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

صفته # ونبذ من أحواله قبل ظهوره

صفحة 101 - الجزء 1

  وعلمه، ولم يكن يتلبس لهما بعمل ولا يلي من جهتهما شيئاً، وربما كانا يفوّضان إليه تَفْرِقة مال العلوية فيهم، فيفعل ذلك.

  وقد كان فارق محمد بن زيد في وقت، وخرج إلى نيسابور في أيام المعروف بمحمد بن عبد اللّه الجحستاني، طامعاً في أن يتمكن بها من الدعاء إلى نفسه، فتوفر عليه الجحستاني وأكرمه.

  وشرع في الدعوة سراً، وأجابه كثير من قوّاده وغيرهم.

  وذكر بعض مَنْ صنّف أخباره أن ذلك في ناحية جُرْجَان لما وردها الجحستاني وانحاز عنها الحسن بن زيد، وأُحْوِج # إلى الإقامة هناك، فسعى به بعض من كان وقف على أمره، فأخذه واعتقله وضربه بالسياط ضرباً عظيماً، ووقع سوط في أذنيه⁣(⁣١) فأصابه منه طَرَشٌ، واستقصى عليه في أن يعترف بما كان منه، ويعرّفه أسامي أصحابه، فثبت على الإنكار، ثم أفرج عنه.

  وقيل: إن محمد بن زيد كاتبه في معناه والتمس منه تخلية سبيله، فعاد إلى جرجان.

  وقيل: إنَّه تخلّص بخروج الجحستاني من جرجان، وهذا قول من ذكر أن النكبة اتفقت عليه بناحية جرجان.

  وكان الجحستاني حين ضربه حبسه في بيت الشراب، وفيه زقاق فيه خمر، لأنه علم أنَّه يشتد عليه مقاربة موضع فيه خمر، فكان الناصر # يقول: قويت برائحة تلك الخمور.

  فقيل له: أيها الإمام لو أُكْرهت على شربها ما الذي كنت تصنع؟

  فقال: كنت أنتفع بذلك، ويكون الوِزْرُ على المُكْرِه! وهذا من مليح نوادره ومزحه الذي لا يجاوز الحق.


(١) في أذنه. نخ.