الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

صفته # ونبذ من أحواله قبل ظهوره

صفحة 102 - الجزء 1

  وكان محمد بن زيد يتهمه بأنه منطوٍ على طلب الأمر والدعاء إلى نفسه، مستشعراً للفزع منه لمعرفته بعلمه وفضله، إلا أنَّه لا يعدل به عن طريقة الإكرام والاحتشام.

  وحدثني محمد بن علي العبدكي⁣(⁣١) قال: سمعت أبا القاسم عبد اللّه بن أحمد البلْخي⁣(⁣٢) يقول: كنتُ في مجلس الداعي محمد بن زيد بجرجان، وأبومسلم محمد بن بحر⁣(⁣٣) حاضر وكنا جميعاً ممن يذب عن الناصر الحسن بن علي في تكذيب من ينسب إليه طلبه الأمر، فدخل والتفتَ إلى أبي مسلم؛ وقال: يا أبا مسلم من القائل:

  وفتيان صدق كالأسنَّةِ عَرَّسوا ... على مثلها والليل تَرمي غَيَاهبُهْ

  لأمرٍ عليهم أن يتمّ صُدُوره ... وليس عليهم أن تَتِمَّ عواقبُهْ

  قال: فعلم أبو مسلم أنَّه قد أخطأ في إنشاد ذلك، لأنه يُستدل به على أنَّه معتقد للخروج وإظهار الدعوة، فأطرق كالخَجِل، وعلمتُ أنا مثل ما علمه فأطرقتُ، وفَطِنَ الناصر أيضاً بخطئه فخجل وأطرق ساعة وانصرف، فلما انصرف التفت الداعي محمد بن زيد إلى أبي مسلم، فقال: يا أبا مسلم ما الذي أنشده أبو محمد، فقال أبو مسلم: أنشد أيها الداعي:


(١) محمد بن علي العبدكي أبو أحمد، عن علي بن موسى القمي وغيره، وعنه أبو طالب، وهو رأس في علم الكلام حتى قال أبو القاسم: ما رأيتُ رجلاً أعرف بدقيق الكلام وجليله منه، انتهى من الجداول.

(٢) أبو القاسم عبدالله بن أحمد بن محمود الكعبي البخلي الخراساني، أحد أئمة المعتزلة. قال الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي # في التحف ط/٣/ ١٦٦: وصحب الإمام محمد بن زيد: أبو القاسم البلخي عبدالله بن أحمد المعتزلي المتوفي سنة سبع عشرة وثلاثمائة، وكان يقول: إنه يرى نفسه إذا كتب للإمام كأنه يكتب لرسول الله ÷.

(٣) محمد بن بحر الأصفهاني أبو مسلم، ولد سنة (٢٥٤ هـ) أحد كبار كتاب المعتزلة، ولي أصفهان وبلاد فارس للمقتدر، ثم عُزل، وكانت له معرفة بالتفسير وغيره من صنوف العلم، من كتبه: جامع التأويل (١٤ مجلداً)، والناسخ والمنسوخ، وله شعر، توفي سنة (٣٢٢ هـ). الأعلام ٦/ ٥٠، انتهى من هامش التحف شرح الزلف ط ٣/ ١٦٦.