الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

صفته # ونبذ من أحواله قبل ظهوره

صفحة 103 - الجزء 1

  إذا نحن أُبْنا سالمين بأنفُسٍ ... كرامٍ رجَتْ أمراً فخاب رجاؤها

  فأنفسنا خير الغنيمة أنها ... تؤوبُ وفيها ماؤها وحياؤها

  فقال الداعي محمد بن زيد: أو غير ذلك، إنَّه تتنسم رائحة الخلافة من جبينه.

  ولم يزل مع محمد بن زيد إلى أن قُتِلَ محمد رحمة الله عليه بجرجان، وقد كان حضر معه الوقعة وانهزم في جملة المنهزمين، وامتدّ إلى الري على طريق (الدامغان)، وحصل بها في دار محمد بن الحسن بن محمد بن جعفر الحسني، واتصل بجستان ملك الديلم خبرُه، وكان بينهما مودّة من أيّام محمد بن زيد |، فكاتبه وسأله الخروج إليه ليبايعه، ووعده بأنه يتوب ويقلع عن المعاصي ولا يخالفه في شيء، فامتنع أولاً، وكاتبه بأنه لا يثق بوعده، وليس يأمن أن لا يفي بما يعده به، فجعله على ثقة من ذلك بأيمان بذلها.

  فخرج إليه ومعه أولاده: ابنه الأكبر أبو الحسن علي الأديب الشاعر، وأبو القاسم، وأبو الحسين، فأكرمه، إلا أنَّه خالف ما بذل به لسانه من ترك المعاصي، وتقديم أمره في الخروج، وكان يدافعه ويُمَنِّيه.

  وطال مقامه إلى أن تهيأ له الخروج من عنده، فخرج إلى سهل الديلم وعرض الإسلام على مَنْ بقي منهم على الكفر، ثم خرج إلى جيلان وابتدأ يَعْرض الإسلام على الجيل الذين هم إلى جانب الديلم من طرف الوادي المعروف بـ (أسفنذروا) وهم كفار، فأسلموا كلهم على يديه وطهروا، وذلك في سنة سبع وثمانين ومائتين، بعد ظهور الهادي باليمن بسبع سنين.

  وأقام على هذه الجملة بالجيل والديلم يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وأزال الرسوم الجائرة التي وضعها آل وهشوذان على الديلم، واستنقذهم مما كانوا فيه من الضيم في الأنفس والأولاد والأموال، ووقعت له حروب مرة بعد أخرى مع جستان، فكانت الدائرة على جستان، وزال سلطان جستان عن سهل الديلم جملة،