الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

صفته # ونبذ من أحواله قبل ظهوره

صفحة 105 - الجزء 1

  بالخراسانية، ومنحه اللّه أكتافهم، ونصره عليهم، فانهزموا أقبح هزيمة، وقُتِلُوا شرّ قتلة⁣(⁣١)، وبلغ عدد المقتولين نحو عشرين ألفاً، بين مقتول بالسلاح وغريق في البحر، كانوا إذا أقبلوا إلى الظهر أخذتهم الرايات، وإذا ولَّوا واقتحموا البحر غرقوا، وتحصّن منهم نحو خمسة آلاف رجل في قلعة شالوس مع أمير لهم يُعرف بأبي الوفاء، واستأمنوه # فأمَّنهم، وكان الظفر يوم الأحد في جمادى الأولى سنة إحدى وثلاثمائة.

  ورحل بجيشه متوجهاً إلى آمل، وقد كان استقبله مشائخها وفقهاؤها وتُنَّاؤها وأماثلها إلى شالوس، وهم على فزع منه لِما كانوا أقدموا عليه، واعتذروا إليه من فعل عوامِّهم فقبل عذرهم، وقَرَّب الفقهاء منهم وأدنا مجلسهم وتوفّر عليهم.

  ورحل من هناك إلى آمل فدخلها سنة إحدى وثلاثمائة.

  وكان الداعي الحسن بن القاسم ¥ صاحب جيشه، وكان قد تقدم في وقت القتال وبعد عنه متتبعاً آثار المنهزمين، وجاوز شالوس، ثم عاد ليلحق بالناصر، فلما انتهى إلى قلعة شالوس رأى هؤلاء المستأمنين وقد نزلوا من القلعة، فسأل عنهم، فقيل: إن الناصر أمنَّهم.

  فقال: لم أسمع من الناصر ذلك ولم يصح عندي، وأمر بوضع الرايات فيهم فقتلوا عن آخرهم.

  ولما دخل الناصر # آمل امتدّ إلى الجامع وصعد المنبر وخطب خطبة بليغة وعظ النَّاس فيها، ثم عَنَّف أهل البلد على ما كان منهم من مطابقتهم لأعدائه، ومعاونتهم وخروجهم عليه، ووبَّخهم، ثم عَرَّفهم أنَّه قد عفا عنهم وأضرب عن جنايتهم وأمَّن كبيرَهم وصغيرَهم، ثم نزل دار الإمارة التي كانت لمحمد بن زيد الداعي رحمة الله عليه.


(١) قتل. نخ.