الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

أولاده #

صفحة 107 - الجزء 1

  زيد بن صالح الحسني.

  وكان ينظر في الأمور بنفسه، وبَسَطَ العدل، ورفع رُسُوْمَ الجور، وعقد مجالس⁣(⁣١) النظر، وكان الفقهاء يحضرونه ويكلّمونه في المسائل ويكلّمهم ويناظرهم.

  ومن مَلِيْح نوادره فيما يتصل بهذا الباب: ما حدثني أبي |، قال: كان ¥ محروراً شديد الحرارة تستولي عليه الحُمَّى إذا تكلّم، فكان يوضع بين يديه كوز فيه ماء مُبَرَّد يتجرّع منه في الوقت بعد الوقت إذا تكلّم كثيراً وناظر في خلال مناظرته، وكان بـ (آمل) شيخ هِمٌّ من العراقيين يعرف بأبي عبد اللّه محمد بن عمرو، وكان يكلّمه # في مسألة فكان يترشش من فِيْهِ لعاب يصيب الكوز منه، كما يتفق مثله من المشائخ، فأخذ الناصر دفتراً كان بين يديه ووضعه على رأس الكوز، فاتفق أن هذا الشيخ وهو في هرازه⁣(⁣٢) وحِدَّةِ مناظرته وَلِع بأخذ ذلك الدَّفتر عن رأس الكوز من غير قصد، ولكن كما يتفق من الإنسان أن يولع بشيء في ضجره واحتداده، وفعل ذلك مرتين، وكان الناصر يكلّمه، وكلما رفعه عن رأس الكوز أعاده⁣(⁣٣) إليه، فلما رفعه الرفعة الثالثة أعاده الناصر، ثم التفت إليه فقال: يا هذا {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ٤}⁣[الفلق].

  وكان ربما يتطارش تطارشاً زايداً على ما به من الطَّرش يعرض له ولضرب من التطرف.

  فحدثني أبي | قال: قام يوماً في مجلسه شاعرٌ لينشده قصيدة كان مدحه بها، فلما ابتدأ بالإنشاد أشار ¥ بيده إلى أذنه أني لا أسمع ما تنشده فلا فائدة لك في إنشاده، فتَضَرَّع إليه الرجل في أن يأذن في الإنشاد وسأل في بابه من حضر، فأومى إليه بأن ينشد، فلما مَرَّ الرجل في قصيدته، انتهى في بيت أنشده إلى


(١) مجلس. نخ.

(٢) هداره. نخ.

(٣) يعيده. نخ.