بيعته # عند دخوله آمل، ونبذ من سيرته، ومدة أيامه بعد دخولها، ومبلغ عمره، وموضع قبره
  كلمةٍ لَحَن فيها، فلما أطلع الكلمة(١) أومأ إليه وأشار بيده منبهاً على خطئه، فضحك النَّاس وقالوا: أيها الناصر ألم تُظْهر له أنك لا تسمع؟ فتبسم.
  وكان إذا جلس في مجلسه يتصرف في مسائل الكلام والفقه ورواية الأخبار وإنشاد الأشعار للقدماء والمُحْدثين، والحكايات المفيدة.
  وقد كان أبو عبد اللّه الوليدي القاضي يلزم مجلسه ويعلِّق جميع ما سمعه منه مما يتصل بجنس العلم والأدب، ويتعلق بضرب من الفائدة، وصنّف فيه كتاباً سماه (ألفاظ الناصر) وهو كتاب معروف، من نظر فيه عرف من تفنّنه وأنواع الفضل ما ذكرته(٢).
  وكان له مجلس للنظر، ومجلس لإملاء الحديث، وكان يركب إلى طرف البلد ويضرب بالصولجان للرياضة، فإذا ركب اجتمع فقهاء البلد وأهل العلم كلّهم إلى المصلى وجلسوا فيه، فإذا فرغ من ذلك عَدَلَ إليهم وجلس وأملى الحديث، وكان يحضر جنائز الأشراف وكبار الفقهاء بنفسه.
  وحكى أبو عبد اللّه الوليدي أنَّه # حضر مَعْزَى بعض الأشراف، فلما سمع البكاء من داره، قال: مَنْ هذا الميت الذي يُبْكى عليه؟ مات حَتْفَ أنفه على فراشه وبين أهله وعشيرته، وإنما الأسف على أولئك النفوس الطاهرة التي قُتِلَت تحت أديم السماء، وفُرِّق بين الأجساد والرؤس، وعلى الذين قُتلوا في الحبوس وفي القيود والكبول، وخطب في هذا المعنى خطبة حسنة، ثم قال: آه آه في النفس حزازات لم يشفها قتلى نورود - يعني الخراسانية الذين قُتلوا في ذلك المكان حين هزمهم وقد مَرّ خبرهم.
(١) فلما أطلع على الكلمة. نخ.
(٢) عرف من تفنّنه في أنواع الفضل ما ذكرته. نخ.