صفته ¥ ونبذ من سيرته قبل ظهوره
  اللّه عنه، وسوَّغه الإقطاع الكثير السَّنِي، فكان ¥ إما أن يشتري ما يُجْعل في إقطاعه من الضياع إن أمكن ابتياعه، أو يستأجره من أربابه.
  وكان يختلف إلى أبي الحسن الكرخي(١) في أيامه ويلزم مجلسه ويدرس عليه فقه أبي حنيفة، فبلغ في حفظ مسائل العراقيين المبلغ الذي يُضْرب المثل به.
  سمعت كافي الكفاة نفعه اللّه بصالح عمله يذكر: أنَّه لقيه ببغداد، وأنه كان يحضر داره كثيراً، وأنه أول ما لقي شيخنا أبا عبد اللّه البصري(٢) لقيه في داره، قال: فكنا نجرّب حفظه لفقه أبي حنيفة بأن نكتب له مسائل غامضة ننتجها من الكتب، يقترح علينا أن نفعل ذلك، فكان ينظر فيها ويكتب أجوبتها تحتها فلا يغلط في شيء منها على المذهب.
  وحكى القاضي أبو محمد عبد اللّه بن محمد الأسدي المعروف بابن الأكفاني، قال: كنا يوماً في مجلس أبي الحسن(٣)، وأبو عبد اللّه بن الداعي ¥ حاضر على عادته، فلما فرغ أبو الحسن من التدريس قام وخرج من المسجد، وتبعه أبو عبد اللّه بن الداعي، فلما خرج من المسجد التفت فرآه، فقال له: أيها الشريف لولا أن الخروج من المسجد لا فَضِيلَة فيه لكنت لا أتقدم عليك فيه.
  وحكى لي مشائخنا ببغداد، وأظن أني سمعت هذه الحكاية من كافي الكفاة، وهي أن أبا الحسن لما مات حضر أبو عبد اللّه بن الداعي ¥ جنازته، وحضرها أبو تمام الزينبي وهو نقيب العباسيين، فكان شيخنا أبو عبداللّه(٤) يحب أن
(١) عبيدالله بن الحسن، أبو الحسن الكرخي، شيخ الحنفية بالعراق، كان رئيس الحنفية ببغداد، توفي سنة أربعين وثلاثمائة، وكان لا يدخل بيتاً فيه مصحف على غير طهارة تعظيماً له، انتهى من الطبقات.
(٢) أبو عبدالله البصري، هو الحسين بن علي، أحد أعلام العدلية المعتزلة، صاحب الإمام أبي عبدالله الداعي، والمؤيد بالله، وأبي طالب $، قال الإمام المهدي لدين الله، أحمد بن يحيى المرتضى في الغايات: وكان يميل إلى علي # ميلاً عظيماً، وصنّف كتاب التفصيل، وأحسن فيه غاية الإحسان.
(٣) الكرخي.
(٤) البصري.