الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

صفته ¥ ونبذ من سيرته قبل ظهوره

صفحة 119 - الجزء 1

  يصلي عليه أبو عبداللّه بن الداعي، وأبو بكر الدامغاني - وهو من متقدمي أصحاب أبي الحسن وحفّاظهم، وكان أبو الحسن حين غلبت عليه الرّطوبة في آخر أيّامه وثقل لسانه وانقطع عن التدريس استنابه للفتيا عنه - كان يميل إلى أن يصلي عليه أبو تمام الزينبي؛ لأنه كان يختص به كما يختص شيخنا أبو عبداللّه⁣(⁣١) بأبي عبداللّه بن الداعي ¥، فحين وُضعت الجنازة، احتال أبو بكر هذا بأن تَقَدَّم إلى بين يدي أبي عبداللّه بن الداعي، فقال: أيها السيد أنت أحق النَّاس بالتقدم، ولا يجوز أن يتقدم عليك أحد وقد حضرتَ، ولكنك تعلم أن مثل هذا الشيخ يَقْبُح أن يصلَّى عليه على خلاف مذهبه، وقد علمت أن مذهبه أنَّ تكبير الجنائز أربع، فإذا⁣(⁣٢) رأيت أن تكبر عليه أربعاً فافعل.

  فانتهره ¥ وقال: أنا لا أكبر إلا خمساً فمن شاء فليتقدم، فحينئذٍ تقدم أبو تمام وصلى عليه.

  ثم اختلف ¥ إلى شيخنا أبي عبد اللّه⁣(⁣٣) وكان يواظب على حضور مجلسه، وقرأ عليه أكثر كتب أصحابنا في الكلام وعلّق.

  وحدثني أبو العباس العُمَاري⁣(⁣٤) الطبري قال: كنت أراعيه ¥ خمس عشرة سنة وهو يُنْصَب له في داره في كل صيفة خَيْشٌ على عادة بغداد، فتمر تلك الصيفة ولا يكون قد دخله، وكان السبب في ذلك أنَّه يبكر ويركب إلى مجلس أبي عبد اللّه البصري، ويعود قريباً من نصف النهار وقد اشتد الحَرُّ فلا يتمكن من دخول الخيش لأنَّ من دخل الخيش ببغداد وقد حمي بدنه وأصابه الحَرّ يزكم في الحال، فلم يدخل الخيش خمس عشرة سنة حِرصاً على العلم!


(١) البصري.

(٢) فإن. نخ.

(٣) البصري.

(٤) العَمّاري. نخ.