نبذ من سيرته #
  قال: لا.
  قال: آللّه.
  قال: آللّه.
  فقال: خلّوا سبيله.
  فخرج ابن عطية وهو يقول بالفارسية: ليس هذا من رجال أبي جعفر.
  يعني أنَّه كان ينبغي له أن لا يقتصر منه على اليمين وأن يستخرج منه المال، وأن المحق الذي يراعي أمر الدين فيما يفعله لا يقاوم المبطل الذي لا يبالي بما يقدم عليه.
  وأتاه قوم من أصحاب الصباغ فقالوا: يا ابن رسول اللّه إنا قوم من غير العرب، وليس لأحد علينا عَقْدٌ ولا ولاء، وقد أتيناك بمال فاستعن به.
  فقال: من كان عنده مال فليعن أخاه، فأما أنْ آخذه فلا!
  وكان يقول: هل هي إلا سيرة علي أو النار.
  وأرسل إلى عبد الحميد بن لاحق: بأنه بلغني أن عندك مالاً لهؤلاء الظلمة، فقال: ما لهم عندي مال، قال: آللّه.
  قال: آللّه.
  فخلّى سبيله، وقال: إن ظهر أن لهم عندك مالاً عددتك كذَّاباً.
  وحكى شيبة كاتب مسعود المرزباني أن جماعة من الزيدية دخلوا عليه فنالوا منه، وقالوا: هات ما معك من مال الظلمة، وأَدْخَلُوني إلى إبراهيم، فرأيتُ الكراهة في وجهه، فاستحلفني فحلفتُ فخلّى سبيلي، فكنت أسال عنه بعد ذلك وأدعو له حتى نهاني مسعود.
  وخطب يوماً على المنبر فقال: (أيها النَّاس إني وجدتُ جميع ما يطلب العباد من جسيم الخير عند اللّه في ثلاثة: في المنطق، والنظر، والسكوت، فكُلُّ منطق ليس فيه ذِكْرٌ فهو لغو، وكل سكوت ليس فيه فِكْرٌ فهو سهو، وكل نظر ليس فيه اعتبار فهو غفلة، فطوبى لمن كان منطقه ذكراً، ونظره اعتباراً، وسكوته تفكراً، ووسعه بيته،