صفته #
  ليعرف مستقرّه، فوقف على أنَّه حصل في جنبة ملك الديلم مع سبعين من أصحابه، فألزم الفضل بن يحيى(١) التوصل إلى إخراجه من هناك بما يمكن من ضُرُوب الحيل.
  وتشدّد الفضل في ذلك إزالة للتهمة عن نفسه، فقد كان سُعي به إليه في بابه، وقيل: إنَّه تعرف مكانه في حال استتاره، وأنه كتب له منشوراً يعرضه على من تعرّض له من أصحاب المسالح والمرتبين في الطريق.
  واختلفت الأخبار في الوجوه التي بها تمكن من إخراجه من هناك، وقيل فيه أقوال يطول تقصّيها، إلا أن هارون كتب له أماناً وثيقاً لا مزيد عليه في التأكيد والإحكام والتوثقة(٢)، ولا مساغ فيه للتأويل، فنزل معتمداً على ذلك الأمان بعد
= سنة (١٤٦ هـ)، ولي الخلافة سنة (١٧٠ هـ)، وتوجه سنة اثنتين وتسعين ومائة ومعه المأمون نحو خراسان، حتى قدم الروس، فمرض بها ومات لثلاث خلون من جمادى الآخرة سنة (١٩٣ هـ)، وله سبع وأربعون سنة، وكانت مدة ولايته ثلاثاً وعشرين سنة وشهرين وسبعة عشر يوماً، المعارف ٣٨١ - ٣٨٣، انتهى من هامش التحف شرح الزلف ١١٣/ط ٣.
(١) الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي، وزير هارون العباسي.
(٢) نصّ الأمان ذكره أحمد بن سهل الرازي في كتابه أخبار فخّ ٩٢/ط ١، وذكره الإمام المنصور بالله # في الشافي، وذكره مولانا الإمام الحجة/ مجدالدين بن محمد بن منصور المؤيدي # في التحف الفاطمية شرح الزلف الإمامية ١٢٥/ط ٣ وهو: هذا كتابُ أمان من أمير المؤمنين - هارون بن محمد بن عبدالله بن محمد بن علي بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب - ليحيى بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبدالمطلب، ولسبعين رجلاً من أصحابه: أني أَمَّنتك يا يحيى بن عبدالله وسبعين رجلاً من أصحابك بأمان الله الذي لا إله إلا هو، الذي يعلم من سرائر العباد ما يعلم من علانيتهم؛ أماناً صحيحاً جائزاً صادقاً، ظاهره كباطنه، وباطنه كظاهره، لا يشوبه غل، ولا يخالطه غش يبطله بوجه من الوجوه، ولا سبب من الأسباب. فأنت يا يحيى بن عبدالله والسبعون رجلاً من أصحابك آمنون بأمان الله على ما أصبت أنت وهم، من مال أو دم أو حدث على أمير المؤمنين - هارون بن محمد - أو على أصحابه وقواده وجنوده وشيعته، وأتباعه ومواليه، وأهل بيته ورعيته وأهل مملكته. وعلى أنَّ كل من طالبه أو طالب أصحابه بحدث كان منه أو كان =