مبايعته # ونبذ من سيرته واستتاره ومبلغ عمره وموضع قبره
  قال: ومن لي بارتياعي منهم، ولو قُرِّضْتُ بالمقاريض بعد إرضاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله عني في وقايتي لولده بنفسي.
  وحدّثني عن جده، عن أبي عبد اللّه الفارسي، قال: حججنا مع القاسم بن إبراهيم #، فاستيقظتُ في بعض الليل وافتقدته، فخرجت وأتيتُ المسجد الحرام؛ فإذا أنا به وراء المقام لاطئاً(١) بالأرض ساجداً، وقد بلّ الثرى بدموعه، وهو يقول: إلهي من أنا فتعذبني، فواللّه ما يشين ملكك معصيتي، ولا يزين ملكك طاعتي.
  وحدثني |، عن عبد اللّه بن أحمد بن سلام |، أنَّه قال عن نفسه أو عن أبيه: لستُ أجسر على النظر في (كتاب الهجرة) للقاسم #، وأومى إلى أن ذلك لما فيه من التخشين والتشديد في الزهد وترك الدنيا والتباعد عن الظالمين.
  وحكى الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين # عن أبيه: أن المأمون كلّف بعض العلوية أن يتوسط بينه وبين القاسم #، ويصل ما بينهما، على أن يبذل له مالاً عظيماً، فخاطبه في أن يبدأه بكتاب أو يجيب عن كتابه، فقال #: لا يراني اللّه تعالى أفعل ذلك أبدا!
  وحمل الحروري(٢) - وهو حي من جذام - إلى القاسم سبعة أبغل عليها دنانير فردها، فلامه أهله على ذلك فقال:
  تقول التي أنا رِدْءٌ لها ... وقاء الحوادثِ دُوْنَ الردى
  ألست ترى المال منْهَلّةً ... مخارمُ أفواهها باللُّهى
  فقلت لها وهي لَوَّامة ... وَفي عيشها لو صَحَتْ ما كفى
  كفافَ امرءٍ قانع قوتُه ... ومن يرض بالعيش نال الغنى
  فإني وما رمتِ في نيله ... وقبلك حبُ الغنى ما ازْدَهَا
  كذي الداء هاجت له شهوةٌ ... فخاف عواقبها فاحتمى
(١) لَطَأَ بالأرضِ، كمنع وفرِحَ: لَصِقَ، لَطْئاً ولُطُوءاً.
(٢) الحروي. نخ.