الإفادة في تاريخ الأئمة السادة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

بيعته # ومدة ظهوره ونبذ من سيرته في ولايته

صفحة 98 - الجزء 1

  وحدثني يوسف بن أحمد بن كج قال: حدثني القاضي أبو حماد⁣(⁣١) المروزي، قال: حدثني أبو الحسن الهمذاني المعروف بالحروري، وكان رجلاً فقيهاً على مذهب الشافعي، تاجراً جمع بين الفقه والتجارة، قال: فقصدت اليمن في بعض الأوقات، وحملتُ ما أتجر فيه إلى هناك ابتغاءً لرؤية يحيى بن الحسين لِمَا كان يتصل بي من⁣(⁣٢) آثاره، فلما حصلت بصعدة حرسها اللّه، قلتُ لمن لقيته من أهلها: كيف أصل إليه، ومتى أصل، وبمن أتوسّل في هذا الباب؟

  فقيل لي: الأمر أهون مما تقدر، تراه الساعة إذا دخل الجامع للصلاة بالناس، فإنه يصلي بالناس الصلوات كلها.

  فانتظرته حتى خرج للصلاة فصلى بالناس وصلّيت خلفه، فلما فرغ من صلاته تأملته فإذا هو قد مشى في المسجد إلى قوم أعِلاّء في ناحية منه، فعادهم وتفقّد أحوالهم بنفسه، ثم مشى في السوق وأنا أتبعه، فغيّر شيئاً أنكره، ووعظ قوماً وزجرهم عن بعض المناكير، ثم عاد إلى مجلسه الذي كان يجلس فيه من داره للناس، فنفذتُ إليه وسلّمتُ، فرحّب بي وأجلسني، وسألني عن حالي ومقدمي، فعرّفته أني تاجر، وأني وردت ذلك المكان تبركاً بالنظر إليه، وعرف أني من أهل العلم فأنسَ بي، وكان يكرمني إذا دخلتُ إليه، إلى أن قيل لي في يوم من الأيام: إن غداً يوم المظالم، وإنه يقعد فيه للنظر بين النَّاس، فحضرتُ غداة هذا اليوم، فشاهدتُ هيبة عظيمة، ورأيتُ الأمراء والقواد والرجالة وقوفاً بين يديه على مراتبهم، وهو ينظر في القصص، ويسمع الظلامات، ويفصل الأمور، فكأني شاهدت رجلاً غير مَنْ كنتُ شاهدته، وبهرتني هيبته.

  فادَّعى رجل على رجل حقاً فأنكره المدَّعي عليه، وسأله البينة، فأتى بها، فحلَّف


(١) أبو حامد. نخ.

(٢) كانت: عن، وما أثبتناه من الحدائق.