[مرحب للوافدين]
  واضطر طالب العلم إلى حمل الديون الباهظة، وتشوش فكره، وتحمل المنة وربما أن لا يثق بتدينه إلا القليل، وقد يضطر إلى أن يدخل في مكاسب غير مناسبة، ويأكل من المشتبهات، وربما يأكل المحرمات، وقد يضطر إلى السؤال أو التعريض، ويدنس نفسه ويرخصها، ويترك العلم، وكان الأحسن له أن يصبر على ما أعطاه الله ولا يصل إلى هذه المواصيل.
  وقد ترك القات وقطعه بعض الأغنياء وأهل الثروة؛ لأنه يحضر عنده وقت التخزينة بعض الأصدقاء والمتقربين واحتاج إلى أن يخزن لهم وكلفه في يومه نحو أربعة آلاف أو خمسة، ونظر إلى كميته في السنة وساءه ذلك المبلغ الرهيب، وتركه وله ثروة كبيرة، وهو قادر عليه، ولم ير له حيلة إلا أن يقطعه هو، فكيف بمن ليس بقادر؟! الله المستعان، هذه الدسيسة الشيطانية التي استخدمها ليستعين بها على العلم هي التي أوصلته إلى ترك طلب العلم وإلى الدخول والوقوع فيما لا يحمد عاقبته.
  فعلى العاقل أن يفكر في عواقب أمره، ويجعل تصرفاته بقدر دخله، وليس من الكرم أن يتحمل الدين الكثير أو يتدخل في المشتبهات أو يترك طلب العلم لأجل التوسع في النفقة، فالكريم الذي يضع الأشياء في مواضعها كما قال أمير المؤمنين #، وقد أرشدنا الله تعالى إلى كيفية النفقة حيث يقول: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ٦٧}[الفرقان]، {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق: ٧]، {وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ}[الإسراء: ٢٩].