[تعظيم شعائر الله]
  قال: يمجها سمعي، وأحكم على من يفعل ذلك بالجنون.
  قلت: وكم قرأت الفاتحة في صلواتك وسمعت قراءتها من أئمة الصلاة؟ هل تثاقلتها يوماً ما؟ فقال: الآن ثبت عندي أنه قرآن لا شك في ذلك.
  قلت: فيجب أن تصدق ما جاء به القرآن من وعد ووعيد وترغيب وتهديد وأوامر ونواه وغير ذلك. هذا معنى ما دار بيني وبينه.
  فهذا معنى إعجاز القرآن أنه لا يكل قارئه ولا يمل سامعه، فعلى المؤمن أن يعظم كلام الله سبحانه وتعالى غاية التعظيم وأن يصغي بسمعه لآياته وما تضمنته من المعاني قال تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ٢٤}[محمد]، وقال تعالى: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ٢١}[الحشر]، وقال تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ ٢٢}[السجدة].
  فتعظيم كتاب الله تعظيم لله، ولا ينتفع بالقرآن إلا من عظمه وتدبره، فالقرآن كنز المؤمنين ومائدة الله في أرضه للمتقين يغترفون من بحاره ويرتوون من أنهاره، إن مرضت قلوبهم من المصائب والأحزان عالجوها من القرآن بما وعد الله الصابرين، وإن طمحت نفوسهم لما في أيديهم من النعم ذللوها ووبخوها بآيات التخويف وشدائد النقم، الناس في فقر وإن كانوا أغنياء