[بر الوالدين]
[بر الوالدين]
  
  يقول الله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤}[الإسراء].
  سبحان الله ما أرحمه بعباده، «وقضى ربك» بمعنى: حكم وحتم وألزم، جمع الله بين شيئين عظيمين بعدما قضى وحكم، بين توحيده - جلت عظمته - وبين الإحسان إلى الوالدين مطلقاً سواء في شبابهما أو شيخوختهما غير أن هناك خصوصية في حقهما في حال كبرهما أو أحدهما لأن الكبر يردهما إلى الضعف والمسكنة.
  الشيخوخة تنقض قواهما فلا تَحَمُّل لهما ولا صبر، ويزيد الطين بلَّة إذا وقعت الجفوة من أحد الأبناء وتذكرا ما كانا يوليانه من العناية في صغره، كانا يؤثرانه على أنفسهما في المأكل والمشرب واللباس والنوم، يتألمان بألمه ويسعدان بسروره وعافيته، الأم لا تستقذر أوساخه بل تؤثر نظافته على وجبتها، وتبدأ بإرضاعه قبل شربتها، إذا نام قرت عينها وإن سهرت، وإذا شبع استراحت نفسها وإن جاعت، والأب يلقى المتاعب لتحصيل ما تحتاج إليه أسرته، إذا عاد إلى بيته بعد أعماله الشاقة سأل: أين الصغير من أولاده، لا يستطيع الصبر عن رؤيته، يتناسى تعب يومه إذا أقبل إليه مبتسماً، ويحس أنه أسعد رجل.