[الحاجة إلى الدعاء]
  محتاج لبعض الحاجات الضرورية مثل الأكل والكسوة والعلاج والدفاء في الشتاء وغير ذلك، أنت وأولادك وبقية أسرتك فأنا أرجو منك أن تخبرني بتلك الحاجات وأنت متكرم وما عليك إلا أن تخاطبني بذلك، وعليَّ أن أوصل تلك الحاجات إليك؛ لأني غني بما أعطاني الله وأنت فقير، وهو يعلم بصدق هذا المتفضل ولم يعهد منه قبل هذا الكلام إلا الوفاء وكم قد أعطاه تفضلاً من غير طلب، فلما سمع ذلك الخطاب وذلك التكرم أعرض عنه ولم يلق له بالاً، وقام بعد ذلك يشكو فقره وحالته على من لقي ويقول: لا أملك كثيراً ولا قليلاً وأنا في أحوج الحاجات إلى القوت الضروري، وكل من سمع شكواه يتظلم له عند ذلك الرجل الذي وقع الكلام والوعد من الغني بحضرته فيقول له: اتركوه ولا تصدقوه، وقد عرض له قريبه الوفي الصادق كل ما يحتاج إليه من الضروريات بحضرتي ولم يقبل منه وفَضَّلَ التشكيَ وإظهارَ الفقر والمسكنة عند الناس من غير حاجة منه لذلك؛ فإن الجميع يحكمون عليه بالسفه وقلة الحياء، وأنه يستحق الفقر والخزي وما هو أعظم من ذلك، وأنه فقير متكبر رَدَّ الجميل وتَرَفَّعَ عن قبول حاجته من المحسن، فهو يستحق الإهانة والتهديد.
  فما بالك أيها الناظر بوعد أقدر القادرين وأصدق الصادقين بهذه الآية التي وعد بها مَنْ قَبِلَ النصيحة، وكم الإنسان محتاج إليه من العافية له ولبقية أسرته، والستر كذلك من الفضائح وبيان خُبْرِهِ،