العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثالثا: أقوال في التقوى والمتقين

صفحة 121 - الجزء 1

  ١٦ - قال زيد بن علي #: إن تقوى الله ø حمت المتقين معصيته حتى حاسبوا نفوسهم في صغائر الأعمال، وإن تقوى الله بعثت المتقين على طاعته، وخففت على أبدانهم طول النصب، فاستلذوا مناجاة الله وذكره، وحمدوه على السراء والضراء، أولئك الذين عملوا بالصالحات، واجتنبوا المنكرات، ومهدوا لأنفسهم، فطوبى لهم وحسن مآب. مفتاح السعادة.

  ١٧ - قال القاسم بن إبراهيم #: واعلموا أن البحر لا يجاز يقيناً إلا بمعبر، وأنه يحتاج الشجاع المحارب إلى السلاح في الحرب فكيف بالعي المغتر، فلا يتعاطى أحد سبيل التقوى، وما قرن الله بها من التمحيص والبلوى إلا وقد تحصن بالعلم والنظر الذي ميز الله به بين أهل الخير والشر، فلا تدعوا رحمكم الله حسن النظر في الأمور، والاستضاء في ظلمها بما جعل الله في العلم من النور، واعلموا أن من أبواب ذلك ومفاتيحه، وأضواء ضياء نوره ومصابيحه إخلاص العمل لله، وصدق التوكل على الله.

  ١٨ - روى القاسم بن إبراهيم #، عن عيسى بن مريم # أنه قال: وليس كل من يقول ربي ربي بإقراره والدعاء يدخل يوم القيامة بكرامة ملكوت السماء، إلا أن يكون ممن عمل في دار الدنيا بما حكم الله عليه من التقوى.

  ١٩ - قال القاسم بن إبراهيم #: واعلموا وَلِيَكُمُ الله أن من أبواب التقوى ومفاتحها، وأقوى ما يقوى به من رشد بإذن الله على قبول نصائحها - حسن الفكر في الدنيا وفنائها، وتقلب سرائها وضرائها، وفي حال جميع من فيها من ملوك الأمم خاصة، ومن دونهم من الخلق جميعاً عامة.

  ثم قال #: وقد ينبغي لمن سلك سبيل مرضاة الله وآثرها وعظمها بما عظمها الله به من رضوانه فوقرها أن يتحفظ من نفسه فيها، ويجمع كل أشغاله، ولا قوة إلا بالله إليها، فإنه لو تفرغ لخدمة بعض ملوك الدنيا لحق عليه الاجتهاد في بلوغ الغاية القصوى، فكيف بمالك الملوك إذ برز لعبادته، ونابذ في الله عدوه من الجن والإنس بمحاربته، فليحترز من سبيل ولاية الله ومرضاته، ومن يريد القيام بما أوجب الله عليه من فرض حقه وطاعته، من السقط والخلل، وليستيقظ من الغفلة والزلل. مفتاح السعادة.