العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثالثا: أقوال في التقوى والمتقين

صفحة 122 - الجزء 1

  ٢٠ - قال الناصر # في البساط: واعلم: هداك الله أن التقوى والإحسان والإسلام والإصلاح من أوصاف الإيمان ومعانيه، التي يؤمن العبد بها نفسه من سخط الله وعقابه إذا أتى مع ذلك بجميع ما فرض الله، فيكون قد أمن نفسه، ألا تسمع لقول الحكيم العليم: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ...} الآية [الحجرات ١٤].

  ٢١ - عن أبي الدرداء قال: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة، وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً حجاباً بينه وبين الحرام.

  ٢٢ - قيل أن داود # قال لابنه سليمان #: يا بني، إنما يستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء: بحسن توكله على الله فيما نابه، وبحسن رضاه فيما آتاه، وبحسن زهده فيما فاته.

  ٢٣ - وعن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال: بلغنا أن رجلاً جاء إلى عيسى # فقال: يا معلم الخير كيف أكون تقيًّا لله كما ينبغي له؟ قال: بيسير من الأمر تحب الله بقلبك كله، وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت، وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك، قال: من ابن جنسي يا معلم الخير؟ قال: ولد آدم كلهم، وما لا تحب أن يؤتى إليك فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقاً.

  ٢٤ - عن ابن عباس في قوله: {هُدىً لِلْمُتَّقِينَ}⁣[البقرة ٢] أي: الذين يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى، ويرجون رحمته في التصديق بما جاء منه.

  ٢٥ - قال السيد العلامة علي العجري: اعلم أن مفتاح التقوى مراقبة الله في السر والنجوى، وخشيته في السخط والرضا، والتفكر في سرعة الزوال عن الدنيا، والزهد في ما لا يدوم ولا يبقى.

  ٢٦ - تمام التقوى أن تبتغي علم ما لم تعلم منها إلى ما قد علمت منها.

  ٢٧ - إن لأهل التقوى علامات يعرفون بها، ويعرفونها من أنفسهم: من صبر على البلاء، ورضي بالقضاء، وشكر النعماء، وذل لحكم القرآن.

  ٢٨ - المتقي: رجل آثر الله على خلقه، وآثر الآخرة على الدنيا، ولم تكربه المطالب، ولم تمنعه المطامع، نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته، فسما لها ملتمساً لها، فزهده مخزون، يبيت إذا نام الناس ذا شجون، ويصبح مغموماً في الدنيا مسجون، قد انقطعت من