رابعا: أشعار في الصبر
  يقسم فينا قسمة عجرفية ... وكل إليها للمطامع أشغب
  تعرضت بالأحزان حتى ورثتها ... وحتى كأن الحزن شيء محبب
  ويضمن لي دهري بلوغ مطالبي ... متى كان لي يا دهر عندك مطلب
  فأي رفيع من حظوظك أرتضي ... وفي أي حم من عطائك أرغب
  تعجبت من أشياء منك تريبني ... وأعجب منها أنني منك أعجب
  ٦٠ - ما ضرني أن قصر الدهر بي ... وأني النجد الطويل النجاد
  إن أكلت لحمي تصاريفه ... وواجهتني بصريح العناد
  وجالستني عن فروع العلى ... وطمعت في الأصل لولا اجتهادي
  وكل هذا وبذا طلعة ... وعزماتي واريات الزناد
  وما تنهجت لِعَضّاته ... بأنيب عضل المدارى جداد
  ٦١ - أكنت تظنني أرد الهوينا ... ويسرع في الهوينا كل واني
  طويت محاسني عن كل عين ... وما يخفى على عيني مكاني
  أعرها نظرة تعطيك ناري ... وتجلو عنك أصداء الدخان
  وكدر نطفة الأنعام عندي ... علو يد المعين على المكان
  لبست من الحوادث كل ثوب ... سوى ثوب المذلة والهوان
  أكد العيش أطلب كل زاد ... ولو أني قنعت به كفاني
  ٦٢ - جاء الشتاء وحر الصيف لم يرم ... يا دهر غيرت حتى عادة الديم
  قد كنت محتشماً خلفاً تزل به ... فصرت تخلف عهداً غير محتشم
  يا نفس صبراً تنالي العز مكرمة ... يا جوهر الصبر ما أغلاك في القيم
  ٦٣ - اصْبِرْ فَفِي الصَّبْرِ خَيْرٌ لَوْ عَلِمْتَ بِه ... لَكُنْتَ بارَكْتَ شُكرًا صَاحِبَ النِّعِم
  واعلمْ بأنَّكَ إنْ لَمْ تَصْطَبِرْ كَرَمًا ... صَبَرْتَ قَهْرَاً على ما خُطَّ في الْقَلَم
  ٦٤ - فإن تسألني كيف أنت فإنني ... صبورٌ على ريب الزمان صليب
  حَرِيْصٌ على أنْ لا يُرى بي كآبةٌ ... فيشمتَ عادٍ أو يُساءَ حَبي
  ٦٥ - أقول لنفسي في الخلاء ألومها ... هبلت دعيني قد مللت من العمر
  ومن عيشة لا خير فيها دنيئة ... مذممة عند الكرام ذوي الصبر