العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثالثا: أقوال في الدنيا

صفحة 362 - الجزء 1

  أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ ٢٥ اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقَدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ ٢٦}⁣[الرعد]، فحياة الدنيا وعمرانها عند من يعقل عن الله خراب وبُورٌ، وكل ما في الدنيا من غير طاعة الله فلا يغتر به إلا هالك مغرور.

  وفي فروع هذا كله وأصوله، وما نزَّل الله فيه من بيانه وقوله، فقد رأيتم ما قال الله سبحانه عياناً، وسمعتم نداه إعلاناً، وكلا لو رأيتم لعمركم إذاً لأبصرتم، ولو أبصرتم إذاً لاغتنمتم، ولكنكم نظرتم بأعين عميّة، وسمعتم القول فيه بآذانٍ دوية، ودبرتم الأمر فيه بقلوب سقيمة، غير بريَّة من أدواء الأهواء ولا سليمة، فآثرتم ذميم ما حضركم، على كريم ما غاب عنكم، وما عجل إليكم ولكم، على ما قَصَرَ علمُه دونكم، كما قال الله تبارك وتعالى: {يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}⁣[الروم ٧]، وكذلك فلم يزل العُتَاة الجاهلون، أما لو نظرتم إليه بأعيان جليَّة، وسمعتم القول فيه بآذانٍ سويّة، ودبرتم الأمر فيه بقلوب حَييَّة، لعلمتم أنكم من الدنيا في إدبار حثيث، ومن الآخرة في إقبال غير مكيث، فكأن ليلَكم ونهاركم في مرورهما بكم، وكرورهما عليكم، قد وقفا بكم على آجالكم، وأفرداكم عن غرور آمالكم، وكشفا عنكم أغطية أبصاركم، فحسر رأيكم إن لم يرحمكم ربكم.

  ٥٣ - روي في بعض مواعظ أهل البيت $: أنه سئل أبو ذر رحمة اللّه عليه: ما لنا نكره الموت؟ فقال: لأنكم عمرتم الدنيا وأخربتم الآخرة فتكرهون الانتقال من العمران إلى الخراب.

  ٥٤ - عن بعض الحكماء: الدنيا مزرعة الآخرة، فواحد يزرع الدرجات، وواحد يزرع الدركات.

  ٥٥ - الدنيا خمرة الشيطان فمن سكر منها لم يفق إلا في ٦ عسكر الموتى، نادماً بين الخاسرين

  ٥٦ - الدنيا خراب، وأخرب منها قلب من يعمرها، والآخرة دار عمران، وأعمرُ منها قلب من يطلبها.

  ٥٧ - الأصمعي قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء، يقول: كنت أدور في ضيعة لي