ثالثا: أقوال في الدنيا
  فسمعت إنساناً يقول: وإن امرءاً دنياه أكبر همه لمستمسك منها بحبل غرور.
  ٥٨ - يا ابن آدم، إنك في هدم عمرك منذ سقطت من بطن أمك، وإنك لتطأ أرضاً عما قليل هي قبرك.
  ٥٩ - إن أردت أن تنظر إلى الدنيا بعدك، فانظر إليها بعد موت غيرك.
  ٦٠ - أعمال العباد في عاجلهم نصب أعينهم في الآجلة: يعني أن كل ما فعله الإنسان من الأعمال في الدنيا العاجلة،: فكأنه شيء منصوب بين أعينهم، ينظرون إليه ولا ينظرون إلى سواه، ولا ينفعهم في الآخرة إلا هو.
  ٦١ - من أراد أن يستغني من الدنيا بالدنيا؛ كان كمن طفىَّ النار بالتبن.
  ٦٢ - إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت له عن عدو في ثياب صديق.
  ٦٣ - الدنيا دار ممرلا دار مقر والناس فيها رجلان رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.
  ٦٤ - الناس ثلاثة: زاهد وصابر وراغب: فأما الزاهد فقد خرجت الأحزان والأفراح من صدره على متاع هذه الغرور، فهذا لا يحزن على شيء من هذه الدنيا فاته، ولا يبالي على يسر أصبح أم على عسر، ولا يفرح على شيء من الدنيا أتاه، فهذا المبرز على هذه الأمة.
  وأما الصابر: فهو رجل يشتهي الدنيا بقلبه ويتمناها لنفسه، فإذا ظفر بشيء منها ألجم نفسه منها كراهية شأنها وسوء عاقبتها، فلو تطلع على ما في نفسه لعجبت من نزاهته وعفته وصبره وكرمه.
  وأما الراغب: فإنه لا يبالي من أين جاءته الدنيا من محرمها لا يبالي ما دنس منها عرضه أو ذهاب مروءته أو جرح دينه أو وضع حسبه، فهم في غرة يضطربون وهم أنتن من أن يذكروا لا يصلح إلا أن يسكن بهم الأسود.
  ٦٥ - قال الكينعي: من أقبل على الدنيا أحرقته نيرانها من الحرص والشغل والغفلة وغير ذلك. فصار رماداً.
  ٦٦ - عجبت لعامر لدار الفناء وتارك لدار البقاء.
  ٦٧ - الموت في أعناق العباد، والدنيا تطوى من خلفهم، فمن عمل لدنياه أَضَّرَ بآخرته، ومن عمل لآخرته أضر بدنياه، وهي به أولى لأنها فانية، والأخرى باقية، ولأن الآخرة كالأم، والدنيا كالظئر، وإن من آثر آخرته ربح دنياه، ومن آثر دنياه خسرهما.