ثالثا: أقوال في الدنيا
  وأسرعت الغفلة في أيامه بالفناء، وكذبته نفسه في أي حين وأوان، وفي أي حالٍ - رحمكم الله - ومكان، حين لا رجعة ينالها، ولا إقالة يُقالها، وعند معاينته الأهوال، وما لم يخطر له ببال، مِن هتكِ ستور السوءآت، وهو في حالِ أحوج الحاجات، إلى ما كان تركه فقراً وبلاء، وغيره هو الخفض والغناء: {يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}[غافر ١٨] {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ٢٤ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ ٢٥}[النور].
  ٧٤ - الزاهد قوته ما وجد، ومسكنه حيث أدرك، ولباسه ما ستر، الدنيا سجنه، والفقر ضجيعه، والخلوة مجلسه، والشيطان عدوه، والقرآن أنيسه، والله جليسه، والذكر رفيقه، والزهد قرينه، والحكمة سلاحه، والله تعالى همته، والصمت كلامه، والاعتبار فكرته، والعلم قائده، والصبر وساده، والتربة فراشه، واليقين صاحبه، والنصيحة فريضته، والصديقون إخوانه، والعقل دليله، والتوكل كسبه، والجوع إدامه، والحكمة علمه، والبكاء نديمه، والإخلاص سايسه، والعمل شغله، والعبادة حرفته، والخوف محركه، والرجاء معشره، والتقوى زاده، والسير أميره، والمعرفة وزيره، والتوفيق مستعمله، والليل أمنيته، والحياة سفره، والأيام مراحله، والجنة معتمده.
  ٧٥ - مثل الدنيا والآخرة مثل ضرتين لبعل واحد إن أرضى هذه أسخط الأخرى.
  ٧٦ - قيل لبعضهم ما مثل الدنيا قال هي أقل من أن يكون لها مثل.
  ٧٧ - دخل لص على بعض الزهاد الصالحين فلم ير في داره شيئا فقال له يا هذا أين متاعك قال حولته إلى الدار الأخرى.
  ٧٨ - عوتب بعض الزهاد على كثرة التصدق بماله فقال لو أراد رجل أن ينتقل من دار إلى دار ما أظنه كان يترك في الدار الأولى شيئا.
  ٧٩ - قيل لبعض الزهاد كيف سخط نفسك على الدنيا قال أيقنت أني خارج منها كرها فأحببت أن أخرج منها طوعا.
  ٨٠ - قال أميرالمؤمنين علي #: وَ لَقَدْ كَانَ فِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ كَافٍ لَكَ فِي الْأُسْوَةِ وَدَلِيلٌ لَكَ عَلَى ذَمِّ الدُّنْيَا وَعَيْبِهَا وَكَثْرَةِ مَخَازِيهَا وَمَسَاوِيهَا إِذْ قُبِضَتْ عَنْهُ أَطْرَافُهَا وَوُطِّئَتْ لِغَيْرِهِ أَكْنَافُهَا وَفُطِمَ عَنْ رَضَاعِهَا وَزُوِيَ عَنْ زَخَارِفِهَا. وَإِنْ شِئْتَ ثَنَّيْتُ