العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

ثانيا: أحاديث في الموت

صفحة 430 - الجزء 1

  من الملائكة $ يحملون معهم أكفاناً وحنوطاً من الجنة، ومعهم ضبائر⁣(⁣١) الريحان أصل الريحانة، واحد في رأسها عشرون لوناً لكل لون ريح سوى ريح صاحبه والحرير الأبيض فيه المسك، فيأتيه ملك الموت # فيجلس عند رأسه ويبسط ذلك الحرير والمسك تحت ذقنه ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل هناك مرة بأرواجها ومرة بكسوتها ومرة بثمارها.

  قال: ويقول ملك الموت #: أخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب، ولملك الموت أشد لطفاً به من الوالدة بولدها، فيعرف أن تلك الروح حبيبة إلى ربها يلتمس بلطفه تحبباً إلى ربه ورضاه عنه، يسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، قال الله ø: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلاَئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلاَمٌ} وقال ø: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ ٨٨ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ}، يقول ø: روح من جهة الموت، وريحانة يتلقى به وجهه، ونعيم مقيله. فإذا قبض ملك الموت روحه، قالت الروح للجسد: جزاك الله عني خيراً، فقد كنت سريعاً إلى طاعة الله، بطيئاً عن معصية الله، فقد نجوت وأنجيت، ويقول الجسد للروح مثل ذلك.

  قال: وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله عليها وكل باب من السماء كان ينزل منه رزقه ويصعد منه عمله أربعين ليلة، فإذا وضع في قبره جاءته صلاته فكانت عند يمينه، وجاء صيامه فكان عند يساره، وجاء الذكر فكان عند رأسه، وجاء مشيه إلى الطاعة فكان عند رجليه، وجاء الصبر فقام ناحية من القبر.

  قال: فيبعث الله عتقاء من العذاب فيأتيه عن يمينه فتقول الصلاة: إليك عنه، ما زال عمره دائباً قائماً استراح الآن حين وضع في قبره، فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك من كل ناحية يأتيه يخاطب بمثل ذلك لا يأتيه من موضع إلا وجد ولي الله قد أخذ جنته عند ذلك.

  قال: فيقول الصبر لسائر الأعمال: أما إنه لم يمنعني أن أباشره أنا بنفسي، فأما إذا أجزأتم فأنا ذخر له عند الميزان والصراط.


(١) ضبائر أي جماعات.