العتبة المنبرية في الأدلة الخطابية،

عبد الله بن يحيى العجري (معاصر)

رابعا: أشعار في الموت

صفحة 476 - الجزء 1

  ومن أَعينٍ سالتْ على وَجناتِهَا ... ومن أوجهٍ في التُّربِ مُنعفرات

  ومن واردٍ فيه على ما يَسرُّهُ ... ومن واردٍ فيه على الحَسرات

  ومن عاثرٍ ما أن يقالَ له لَعَا ... على مَا عهدنا قبل في العَثرات

  ومن ملكٍ كان السُّرورُ مِهادُهُ ... مع الآنَسِاتِ الخرَّدِ الخَفرات

  غدَا لا يَذودُ الدُّودُ عن حُرِ وجهِهِ ... وكانَ يَذُوْدُ الأسدَ في الاجَمات

  وعُوَّضَ أُنسًا من ظِباءِ كِناسِهِ ... وَأرامهِ بالرُّقشِ والحَشرات

  وصار بِبطنِ الأرضِ يَلتحفُ الثَّرى ... وكان يَجرُّ الوشي والحَبرات

  ولم تُغنهِ أنصارهُ وجنودهُ ... ولم تَحمهِ بِالبيضِ والأسَلات

  ومما شَجانِي والشُجونُ كثيرة ... ذُنوبٌ عِظامٌ أسبلتْ عَبراتِي

  وأقَلقَنِي أنِّي أموتُ مُفرطًا ... على أَنِّني خَلَّفتُ بعد لَذات

  وأَغْفَلتُ أمرِي بعدهم مُتثبطًا ... فيا عجبًا مني ومِن غَفلاتِي

  إلى الله أشكُو جهلَ نفسِي فإنَّها ... تميلُ إلى الرَّاحاتِ والشَّهوات

  وَيا رُبَّ خِلٍّ كنتَ ذَا صلةٍ لهُ ... يَرى أن دَفنِي من أَجلِّ صَلاتِي

  وكنتُ لهُ أُنسًا وشمسًا مُنيرةً ... فأفردنِي في وَحشةِ الظُّلمات

  سأضربُ فُسطادِي على عَسكرِ البِلَى ... وأُركزُ فيه للنُّزلِ قَناتِي

  واركبُ ظهرًا لا يئوبُ بركبٍ ... ولا يُمتطَى إلا إلى الهَلكات

  وليس يَرى إلا بِساحة ظاعنٍ ... إلى مَصرعِ الفَرحاتِ والنَّزحات

  يسيرُ أدنَى النَّاسِ سيًرا كسيرهِ ... بأرفعِ مَنْعِي من السَّروات

  فطورًا تراهُ يَحْمِلُ الشُمَّ والرُّبَا ... وطورًا تراهُ يَحملُ الحَصيات

  ورُبَّ حَصاةٍ قدرُهَا فوقَ يذبلٍ ... كمقبُولِ ما يُرمَي من الجَمرات

  وكلُّ صغير كانَ لله خَالصًا ... يُربِّى عَلَى ما جَاءَ في الصَّدقات

  وكلُّ كبيرٍ لا يكونُ لِوجهِهِ ... فَمثلُ رمادٍ طارَ في الهَبَوات

  وما اليومُ يَمتازُ التَّفاضُل بينهُم ... ولكن غَدًا يَمتازُ في الدَّرجات

  إِذَا رُوِّعَ الخاطِي وَطَارَ فُؤادُهُ ... وَافرخَ رَوْعُ البِّر في الغُرُفات