[من عذب لسانه كثر إخوانه]
[من عذب لسانه كثر إخوانه]
  ومن حكمه التي صاغها حتى صغرت في لفظها وعظمت في ذاتها وأورقت وأزهرت وأثمرت في جميع أوقاتها قوله #: (من عَذُبَ لسانه كثر إخوانه):
  شبيه العين النابعة بالماء القراح التي يَرِدُها من قَرُب ومن بَعُد لحلاوة مائها وعذوبة زلالها، كذلك ألسنة رياحين القبائل ومصابيح الظلام لا يخرج منها إلا الطيب من القول، شفاء من كل داء، وعافية من كل بلاء، من سمع كلامهم أحبهم ونشر أخبارهم حتى جلبوا بألسنتهم وصدق نواياهم الإخوان من جميع البلدان، يحبهم إخوانهم أبلغ من حبهم لأنفسهم وأولادهم؛ لأنهم تغلبوا على أنفسهم وقهروا عنادهم وكظموا غيظهم حتى عرَّق الهدى وفرع وأثمر في صدورهم كلمة أحدهم في النصيحة كمن أحيا نفساً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً.
  لين كلامهم يشبه الحرير الناعم، وفي ذوقه يشبه العسل الشهد وفي فائدته كالعافية في الأبدان، زينتهم الخصال الحميدة وصدقاتهم الأقوال السديدة، ونصيحتهم الآراء الرشيدة، يذكرهم من نصحوه بعد العشرات من السنين، ويبالغ في الدعاء لهم من عرفوه وهدوه؛ لوجودهم البلاد ممطورة والقلوب بالسعادة مغمورة نورهم عم الديار التي عرفوا فيها وبين أهلها إذا دار الكلام بين جماعة وذكر كلام أحدهم أشبه النجوم الزواهر بين الكلام، سبحان واهب الخصال الحميدة والآراء السديدة والأقوال المفيدة.