{كهيعص 1 ذكر رحمة ربك عبده زكريا 2 إذ نادى ربه نداء خفيا 3 قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من وراءي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6 يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا 7}
  عن كل أسباب الحياة فلا مغيث له سوى مولاه.
  نعم، الأنبياء أسوة À فينبغي أن يكون الداعي بهذه الصفة من غض الصوت وإظهار الافتقار إلى الله ويشهد لذلك قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ...}[الأعراف: ٢٠٥]، وقول الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ٥٥}[الأعراف]، بدأ في دعائه بذكر اسم من أسماء الله عظيم وهو الرب المنعم المتفضل علينا بكل خير له الحمد والمنة، ثم أظهر بين يدي مولاه الضعف من حاله وأنه وهن العظم منه فصار ضعيفاً في بدنه وفي كل ما يعنيه أمره فلا تحمل للشدائد مثل ما سبق ولا جهد له على حمل الأثقال في حالة أظهر العدو فيها عداوته وأبدى شماتته وزاد الطين بلة اشتعال الرأس بالشيب الذي يراه القريب والبعيد والصديق والعدو.
  ومن أقوى الأسباب الحاملة لنبي الله زكرياء على هذا الدعاء الغير معهود لأنه دعا بولد وزوجته عاقر أنه دخل على مريم بنت عمران وكان لها رحماً $ فوجد عندها أنواعاً من الفواكه الغير معهودة في ذلك الحين وليس لها وجود على الإطلاق فسألها مستغرباً قائلاً: {يَامَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٧}[آل عمران]، بغير مؤنة وكلفة وفي وقت الأثمار وفي غير وقتها {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ}[آل عمران: ٣٨].