شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{كهيعص 1 ذكر رحمة ربك عبده زكريا 2 إذ نادى ربه نداء خفيا 3 قال رب إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيبا ولم أكن بدعائك رب شقيا 4 وإني خفت الموالي من وراءي وكانت امرأتي عاقرا فهب لي من لدنك وليا 5 يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا 6 يازكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا 7}

صفحة 41 - الجزء 1

  وعلة أخرى أنه حصل له من الكلام الجارح للقلوب مثل ما حصل لحبيبنا ونبينا محمد المصطفى عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم بأن قال أعداء زكرياء #: إنه أبتر ومقطوع النسل بعد موته والذكر فخاف الموالي الفساق على بقية الأرحام الضعفاء فاجتمعت همته البالغة بما ذكر وخرج منها دعوة ليس بينها وبين الله حجاب.

  {يَرِثُنِي} فيما خلفت من الحطام {وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} العلم بأن تجعله يا رب رضياً، فأتته البشارة بشيء طال له انتظاره زماناً طويلاً: {يَازَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} أكد الله البشارة بـ «إنّ» وبلفظ الجمع وبذكر البشارة {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا ٧}، فلا سمي بهذا الاسم أحد من أنبياء الله وكذلك صفاته وما كان عليه ~ فردد الكلام بينه وبين ربه رغبة في كلام خالقه أو في كلام المرسل من خالقه لا لشك منه في ذلك فهو أعلم من غيره بأن الله على كل شيء قدير: {قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا ٨} فكرر # القول طمعاً فيما يشبه المُلك عند أهله إن تم له الأمر، ومن هنا فعلى المؤمنين عندما يرون أحداً لم يرزق بولد أن يدعوا له ويعطفوا عليه بقلوبهم ويدخلوا عليه السرور بما يظهرون له من الرحمة من قلوبهم وألسنتهم فالخطب عند من لم يرزق بولد جسيم وقد جربنا ذلك ولا ينبئك مثل خبير.

  {قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ١٠} فلما جاءت الآية وعجز عن مخاطبة الناس بكلامه علم أن زوجته قد حملت بالغلام فخرج من محرابه من شدة الفرح