شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}

صفحة 44 - الجزء 1

  

  {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}⁣[الرعد: ١١]:

  سبحان الله ما أحفظه لمصالح عباده مع الاستقامة على دينه! انظر في توكيد الله وإخباره لعباده الصالحين أن ما أعطاهم في هذه الدنيا من النعم وإن عظمت وجلت لم يكن ليسلبها عليهم ما داموا بعقيدتهم متمسكين وعلى دينه ثابتين فعليهم القيام بما كلفهم ولهم الوفاء بما وعدهم.

  نعم، لا ترى ولا تسمع بقوم رحلت عنهم النعم إلا بذنوب اقترفوها، ومن أعظم الذنوب المهلكة المداهنة في الدين بعد المعرفة واليقين، فأول العصيان فساد الضمائر وخبث السرائر وترك المجال لأعداء الدين المنافقين يزرعون الشبه بين من كانوا على التقوى فيفرقون جماعتهم ويشتتون شملهم، وعند ذلك لا يبالي الله بهم في أي وادٍ هلكوا أو طريقة سلكوا؛ لأن من كانت قلوبهم منطوية على الحق كتموه، ومن كانت على الباطل أظهروه، فالحياة الطيبة لا تدوم إلا بالتقوى مع الجد والاجتهاد في استمرارها والدعاء من صميم الأفئدة إلى من هو أقرب إلينا من حبل الوريد في بقائها والمعاونة بين المجتمع الذي غمرهم الإرشاد والدين فيما بينهم.

  وليعلم كل مؤمن أن الشيطان لعنه الله حريص على خراب كل مجتمع صالح، يسعى لعنه الله بجده واجتهاده لزرع الحقد في قلوب إخوانه على أهل التقوى واليقين، وكما أن المؤمنين يدعون للإلفة فإخوان إبليس