قال تعالى: {من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا 17}
  نعم، المهتدي هو الذي أقبل بقلبه ودب ودرج في طريق المتقين، يطلب النجاة في جميع أوقاته، سمع قول الله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١٧٥}[آل عمران]، فجعل الخوف شعاره، وسمع قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}[التوبة]، فبحث عن طريقهم ونقّب حتى وصل إلى صراط الله المستقيم، وعرف بيقين حمَلَة الدين القويم الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، عرفهم بالصفات التي عرَّفهم بها ربهم من التواضع والخوف والرحمة والمعاملة الحسنة والقيام بالفرائض أحسن قيام، وغير ذلك مما نعتهم به خالقهم.
  فمن كان بهذه الصفات فهو المهتدي قد زادهم الله هدى إلى هداهم وآتاهم تقواهم، ومن حكم عليهم بالضلال فهم الضُّلَّال وإن أظهروا شعائر الدين وتزينوا بزي الصالحين، وصلوا وصاموا وحجوا، وعقائدهم باطلة فليس لهم من عبادتهم تلك إلا النصب والتعب، بدليل: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ١٠٣ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ١٠٤}[الكهف]، فهذا معنى الآية، لا من حملها على ظاهرها بجهله وجرأته على ربه لو كان معناها على ظاهرها لكانت الحجة يوم القيامة للمكلفين على خالقهم تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
  انظر بقلبك في مقالة المفرطين الذين عميت أبصار قلوبهم وحالوا بينهم وبين المواعظ بحجاب التعزز وادعاء المعرفة لما أيقنوا