شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا 10}

صفحة 57 - الجزء 1

  

  {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء]:

  الله سبحانه وتعالى عظّم حق الأيتام وحث على إكرامهم وعلى الاعتناء بشأنهم في كتابه وعلى لسان رسوله ÷ فما بالك بمن يتجرأ على أكل أموالهم ظلماً وعدواناً، قال «يأكلون» ولم يقل «يأخذون أو يغتصبون» وإن كانت دوراً أو عقاراً أو ذهباً أو فضة أو دواباً أو غير ذلك مما يتملك؛ ليصور الله شناعة فعل الظالم لليتامى بمن يتناول غذاء اليتيم المسكين وهو ينظر إليه مظلوماً مقهوراً ليس له معين ولا مدافع.

  ثم قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠} نعم، أكل الحرام محرم عند الله، وجزاء صاحبه النار إلا إذا تاب وندم وتخلص، غير أن أموال اليتامى أقبح في أكلها وأشنع في أخذها، حذّر الله المسلمين بهذه الآية غاية التحذير أن لا تزل بهم قدم الأطماع إذا سنحت لهم الفرص وخلا لهم الجو بحيث لا مانع يمنعهم ولا دافع يدفعهم عن أموال المستضعفين من الأيتام؛ لأن الواجب التعطف عليهم والرحمة لأنهم فقدوا والدهم الحنون، فقدوا من كانوا يأوون إلى كنفه، فقدوا من كان يمسح على رؤسهم ويقبِّلهم ويضحك في وجوههم فهم أذلاء بعد موته وفقراء وإن كانوا أغنياء بما خلف لهم، شبيه فراخ الطائر إذا أكل الصقر أمهم