شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

{والفجر 1 وليال عشر 2 والشفع والوتر 3 والليل إذا يسر 4 هل في ذلك قسم لذي حجر 5}

صفحة 76 - الجزء 1

  حسوماً، وأنها لهوانهم على الله تركتهم كأعجاز نخل خاوية.

  وبعدهم: ثمود قوم صالح وما كانوا فيه من القوة ومن نحت الجبال التي اتخذوا منها مساكن، فأهلكهم الله لعصيانهم وقطع دابرهم، وختم العبر للمؤمنين والتحذير لأعداء الدين بذكر الفراعنة المجرمين وما كانوا عليه من القوة والبطر، وأنهم صنعوا في زمانهم أشياء لم يبن مثلها مَنْ تقدمهم من خلق الله أجمعين، وهي الأهرام التي ما زالت إلى اليوم قائمة، وأنه أوقع بتلك الأمم النكال، وصب عليهم سوط عذابه والوبال محذراً بذلك قريشاً ومن يأتي بعدهم من المجرمين الغافلين؛ بدليل: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ١٤}⁣[الفجر]، نسأل الله رحمته، ونعوذ به من نقمته وعذابه.

  ثم انتقل الكلام إلى تصوير حال الإنسان وطباعه وإلى أقواله ومعتقداته: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ ١٥} يشهد لنفسه في حال الرخاء أنه من أكرم خلق الله على الله، وخلائقه هي الخلائق المرضية، فمع النعم يبدي له في كل يوم من نفسه جديد من الفضائل وقد حاز الجم الغفير من الشمائل والله يقول: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ٣٢}⁣[النجم]، وفي هذا دليل على أن فتنة النعم هي أعظم من فتنة أضدادها، فمن أراد العلاج الناجح لنفسه الأمارة بالسوء فليتهمها ويكثر من توبيخها، وإن لم يفعل كذلك ألقت به في مستنقع الغرور ومزبلة المخازي والشرور.